نعم، {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [(١٢) سورة طه]، وهل الوادي المقدس الذي أمر موسى بأن يخلع نعليه أكثر قداسة من المسجد الحرام؟ هم يستدلون بهذا، إذا دخلت بنعليك كأنك عريان، لا، يمكن بعد ما ينكرون عليك مثل هذا الإنكار، ويستدلون بالأمر بخلع النعلين، والعلة {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ} [(١٢) سورة طه] وهذا أقدس منه، إذن من باب أولى أن تخلع نعليك، فهل خلع النبي -صلى الله عليه وسلم- نعليه لما دخل البيت؟ ما خلع نعليه، ولا خلع نعليه عندما دخل مسجده، وهو أقدس من الوادي المقدس الذي ذكر؛ لكنه أمر بخلع النعلين بالوادي المقدس نعم في الظرف الذي فيه التكليم لله -جل وعلا-؛ لكن هل يستقل كونه وادي مقدس بالعلة بخلع النعلين؟ الآية نصت على هذا، وأن هذه هي العلة، فإذا قلنا: أن هذه العلة تستقل بالحكم بخلع النعلين، نعم، نقول: إذا كان الوادي مقدساً أو أشد تقديساً من الوادي الذي أُمر، كان من باب قياس الأولى، فعليه أن يخلع نعليه، ومادام في شرعنا نبينا -عليه الصلاة والسلام- لم يخلع نعليه، فأمته تبع له، والمنع لا وجه له.
"وإن لم يمكنه الطواف ماشياً طاف راكباً أو محمولاً أجزأه بالاتفاق، وكذلك ما يعجز عنه من واجبات الطواف مثل من كان به نجاسة لا يمكنه إزالتها كالمستحاضة، ومن به سلس البول فإنه يطوف ولا شيء عليه باتفاق الأئمة، وكذلك لو لم يمكنه الطواف إلا عرياناً فطاف بالليل، كما لو لم يمكنه الصلاة إلا عرياناً، وكذلك المرأة الحائض إذا لم يمكنها طواف الفرض إلا حائضاً بحيث لا يمكنها التأخر بمكة، ففي أحد قولي العلماء الذين يوجبون الطهارة على الطائف: إذا طافت الحائض أو الجنب أو المحدث أو حامل النجاسة مطلقاً أجزأه الطواف وعليه دم، إما شاة وإما بدنة مع الحيض والجنابة، وشاة مع الحدث الأصغر، ومنع الحائض من الطواف قد يعلل بأنه يشبه الصلاة، وقد يعلل بأنها ممنوعة من المسجد كما تمنع منه بالاعتكاف، وكما قال -عز وجل- لإبراهيم -صلى الله عليه وسلم-: {أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [(١٢٥) سورة البقرة] فأمره .. ".