للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

"فصل في التلبية: فإذا أحرم لبى بتلبية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)) وإن زاد على ذلك: "لبيك ذا المعارج" أو "لبيك وسعديك" ونحو ذلك جاز كما كان الصحابة يزيدون ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمعهم فلم ينههم وكان هو يداوم على تلبيته، ويلبي من حين يحرم سواء ركب دابة أو لم يركبها، وإن أحرم بعد ذلك جاز، والتلبية هي: إجابة دعوة الله تعالى لخلقه حين دعاهم إلى حج بيته على لسان خليله إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-، والملبي هو المستسلم المنقاد لغيره، كما ينقاد الذي لبب، وأخذ بلبته، والمعنى: أنا مجيبوك لدعوتك، مستسلمون لحكمتك، مطيعون لأمرك مرة بعد مرة، لا نزال على ذلك؛ والتلبية شعار الحج فأفضل الحج العج والثج، فالعج: رفع الصوت بالتلبية، والثج إراقة دماء الهدي، ولهذا يستحب رفع الصوت بها للرجل بحيث لا يجهد نفسه، والمرأة ترفع صوتها بحيث تسمع رفيقتها، ويستحب الإكثار منها عند اختلاف الأحوال مثل أدبار الصلوات، ومثل ما إذا صعد نشزاً، أو هبط وادياً، أو سمع ملبياً، أو أقبل الليل والنهار، أو التقت الرفاق، وكذلك إذا فعل ما نهي عنه، وقد روي: أنه من لبى حتى تغرب الشمس فقد أمسى مغفوراً له، وإن دعا عقيب التلبية؛ وصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسأل الله رضوانه والجنة، واستعاذ برحمته من سخطه والنار فحسن".

<<  <  ج: ص:  >  >>