للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وعلا صوتاهما بالقول: فأقبل ابن الفرات عليهما وقال: في أي شيء أنتما؟ فعرفه المحسن الصورة. فقال ابن الفرات: المادرائي وابن أخيه واردان، وإذا وردا كان الخطاب معهما والمناظرة لهما، وقد أسقطت المصادرة عن أبي الحسن كل تبعة، وكفاك ما عاملته به فأمسك عنه. فقال المحسن: هو شيخي، وقد علم الله أنني ما آثرت ما جرى. فقال له علي بن عيسى: كذلك الظن بك يا سيدي. ثم رجع ابن الفرات إلى قراءة ما بقي من التذكرة التي لعلي بن عيسى، فإذا فيها: يؤذن للكتاب وأصحاب الدواوين الولاة والمعطلين والقواد وكتابهم في الاجتماع معي ولا يمنع واحد منهم عني. فقال ابن الفرات: أما أصحاب الدواوين الولاة فلا يجسرون على لقائك فزعاً مني إلا رجلاً واحداً هو جار الموضع الذي أنت فيه يعني ابن الصريفيني صاحب الجيش لأن داره كانت مجاورة لدار شفيع اللؤلؤي التي في مشرعة القصب على دجلة، وانتقلت من بعد إلى أبي بكر محمد بن بدر الحمامي وسيصير إليك سراً. وأما القواد فعليك في مجيئهم إليك شناعة. فقال: إنما أريدهم لابتياع ضياعي، ومنهم داود بن حمدان، وهو يرغب فيما بديار ربيعة منها، ولا شناعة في مثل ذلك. فقال: بلى. وربما صار منه حديث، وكتابهم يجيئونك، وفيهم كفاية. ووقع بهذا. وتبع هذا الباب من التذكرة: كتاب يكون في يدي بما تقررت عليه مصادرتي، وأنه مزيل لكل تبعة وتأول عني وعن كتابي وأسبابي. فضحك ابن الفرات وقال: ما أطرف هذا بين أن تضج وتتظلم وتقول: إنه لا يجب على مثلك مصادرة، ثم تحتاط لنفسك في التبعة بأن تتنجز بها كتاباً. فقال: إي لعمري ما هي واجبة علي، ولا ارتزقت في مدة خمس سنين إلا مثل مال التعجيل وهو مائة ألف، ولكن إذا وقعت المصادرة فلي ولأسبابي في هذا الكتاب حجة في نفوسنا وأملاكنا.

<<  <   >  >>