للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فاستحيا منك. قال: فقمت وقبلت الأرض ودعوت له ثم قالا: ويقول لك لولا علمنا بزهدك في الوزارة لما عدلنا بها عنك، ولكننا نشاورك فيمن نقلده، اذكر هنا الناظر في الأمور، فقلت: الوزارة محتاجة إلى رجل كاتب كاف ممش للأمور عارف بسياسة الجند، وقد قل الناس الذين هذه حالهم، وما أعرف من أذكره اقتضاباً من غير روية، ولكن أنظروني حنى أراجع فكري وأقول ما عندي. فقالا: قل على كل حال. فقلت لهما: بالحضرة رجلان وعلى البعد رجلان. فأما الحاضران فأبو عيسى أحمد بن محمد بن خالد أخو أبي صخرة وأبو عبد الله حمد بن محمد القنائي. وأما الغائبان وهما أوفق وأصلح فأبو علي الحسين بن أحمد المعروف بأبي زنبور وأبو بكر محمد بن علي المادرائيان، فإنهما قد دبرا أمور بني طولون في المال والرجال، ولهما في الكتابة قدم، والتدبير دربة، فاستدعوا أحدهما. قالا: هما بمصر، والمسافة بعيدة، ونريد ما هو أقرب. فقلت: إما أبو عيسى أو حمد، قالا: فما تقول في حامد بن العباس. قلت: هو عامل يصلح لعمارة وحفظ ارتفاع، وما الوزارة من عمله ولا سياسة الملك والرجال وتدبير الأمور مما يعرفه. فالاله: فاعلم أن أمير المؤمنين قد قلده وخلع عليه، ونظر مذ ثلاثة أيام. قلت: فما معنى المشاورة بعد الإمضاء؟ فقالا: لأنه قد تلوح لنا عجز حامد وكدنا نفتضح به، ولم يؤثر الخليفة صرفه في إثر تقليده فيقبح ذلك في السياسة، ونريد أن نشده بمن يقوم بهذا الأمر ويسدده ليبقى عليه اسم الوزارة، وقد رأى أن يندبك لذلك فتكون كاتبه وخليفته ظاهراً وأنت الوزير باطناً والتدبير إليك، والمعاملة بين أمير المؤمنين وبينك. قال: فاسترحت إلى الإجابة لتطاول حبسي وخرجت ونظرت وكان ما كان.

وحدث أبو علي التنوخي قال: حدثني أبو الحسن أحمد بن يوسف بن الأزرق

<<  <   >  >>