للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال: حدثني أبو يعقوب أخي قال: حدثني أبو بكر بن مقاتل ونحن بمصر قال: ابتعت من السلطان قديماً، وأنا تاجر، غلةً على إكراه وبقي علي من ثمنها عشرون ألف دينار، وأحضرني أبو الحسن علي بن عيسى وطالبني بذلك، فلم يكن لي وجهة، وعدلت إلى جحده وترك الاعتراف به. وقال لي اعمل حساباً بأصل ما ابتعته وما أديته ليبين الباقي بعده. ودافعت فاعتقلني في الديوان، وأمرني بعمل الحساب فيه. فأخذت أعلل وأطاول إشفاقاً من أن تتحقق البقية فأحصل تحت المطالبة بغير عذر ولا حجة، ثم أرهقني ودعاني إلى حضرته، فدخلت ومعي كيس حسابي لأريه ما ارتفع منه، وأسأله إنظاري بإتمامه واستكماله. وفتحت الكيس بين يديه، وكنت أستطيب خبز البيت ولا آكل غيره، ويحمل إلي من منزلي في كل يومين أو ثلاثة ما أريد منه، وبحسن الاتفاق تركت في الكيس منه رغيفين استظهاراً لئلا يتأخر عني ما يحمل إلي، وبينما أُقلب الحساب وقعت عين الوزير أبي الحسن على الرغيفين، فلما رآهما قال لي: اضمم إلي حسابك، مراراً. فضممته وشددته وقال لي: قم إلى بيتك. فانصرفت ولم يطالبني بعد ذلك بشيء، ولا تنبه من نظر بعد على أمري، فانكسر المال والله، وكان سببه الرغيفين لأن علي بن عيسى لما رآهما وقد كنت أشكو الخسارة والفقر حملني على أن حملي للرغيفين مع الحساب لضعف حال وشدة فاقة.

وحدث أبو القاسم عيسى بن علي قال: حدثني أبي قال: لما استهل ذو الحجة من سنة أربع وثلاثمائة، وقد قاربت استيفاء السنة الرابعة من وزارتي الأولى للمقتدر بالله، بلغني ما قد عمل عليه من صرفي، فدخلت إليه وخلوت به وقلت: يا أمير المؤمنين قد أظل العيد عرفك الله بركته ووجب أن ننظر في أمر خواصك وجندك، فمن كان له رزق متأخر، واستحقاق حاضر، أطلقناه له ليصرفه

<<  <   >  >>