للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من الظلم، فأما مع الإنصاف في المعاملة واعتماد الحق في المحاسبة فهو طمع في السلطان وإرادة لكسر ماله. فاتفق أن صرف القاسم عاملاً من عمال الأهواز فاستتر، فغلظ عليه ذلك، وقال لي وللجماعة: أذكوا العيون عليه حتى تثيروه، وجدوا في طلبه حتى تحضروه. وقال علي بن عيسى: فبكرت يوماً بكوراً أقضى فيه حقاً وأعود ألى دار القاسم بن عبيد الله. فإذا العامل قد خرج من موضع يريد موضعاً، فرآه غلماني فأمسكوه وجاءوني به. فقلت له: تستتر عن الوزير وعنا والإنصاف مبذول لك؟ فقال: إذا كان الأمر على هذا ظهرت وجئتك. فتذممت من أن أحمله في الحال بالإكراه إلى دار القاسم فتلحقني في هذا الفعل قباحة. فقلت له: لا تتأخر فإنني من وراء معاونتك وتمشية أمرك. وأمرت بتركه وتخلية سبيله، ومضيت إلى مقصدي وعدت إلى دار القاسم ودخلت إلى مجلسه، فلم أجد عنده من البشاشة والإكرام ما كنت أعهده. ثم سلم إلي فضلاً من رقعة صاحب خبر وقد ذكر فيه حالي مع الرجل، وقال لي: كان عندي أنك عون لي وللسلطان على استيفاء حقوقه وإصلاح أموره، ولم أعلم أنك على خلاف ذلك. فأشفقت من أن أجيبه جواباً ربما رد علي عنه ما يقدح في الجاه ويستمع على ملأ من الناس. فقلت: إذا خلا الوزير عرفته ما عندي في ذلك. وأمسك، وبقيت حيران لا أعلم بأي عذر أعتذر، وعدلت إلى أن سألت الله كفايتي وتخليصي، وكنت إذا رأيت المجلس قد خف أحسست بتقطع أعضائي. فأنا في ذلك إذ تقدم إلي صاحب دواتي وأعطاني رقعةً من وكيلي في داري، وقد وقع عليها اسمه،

<<  <   >  >>