للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وخواصه، وجرى حديث البريدي في إصعاده إلى الحضرة وما هو عليه من الإقدام على أخذ الأموال واستباحة الأحوال وأن الناس على إشفاق منه، وعمل على الهرب من بين يديه، وأشارت الجماعة عليه بأن يخرج هو وحرمه وأولاده وأصحابه عن بغداد، فما أصغى إلى ذلك. ثم أكثروا عليه إكثاراً ثنوه عن رأيه، فأطلق لي مائتي دينار لأستأجر له بها زواريق يصعد فيها هو وعياله إلى ناصر الدولة أبي محمد ابن حمدان. وانصرفت من عنده بعد المغرب، وباكرني رسوله يستدعيني، فبادرت إليه، وسألني عما عملته فقلت: ضاق الوقت البارحة عما أردته وباكرني رسولك فحضرت معه. فقال لي: فكرت فيما أشرتم به فوجدته خارجاً عن الرأي، ومفسداً للدين، لأن الأمر مقدر، والإنسان مدبر، ولا يجب لمخلوق أن يهرب من مخلوق. هات الدنانير. فأعطيته إياها، فأمر بأن يتصدق بها، وأقام. فلما قرب البريدي انحدر إليه متلقياً فأكرمه، وعرف موضعه، ووفاه حقه، ومنعه من أن يخرج عن طياره، وانتقل هو إليه، وخاطبه بما وفاه الجميل والبر فيه. وكان أهل الكوفة تظلموا إلى أبي الحسن علي بن عيسى في أيام القاهر بالله وقد خرج إلى واسط مدبراً لها ولأعمال سقي الفرات في أمر ثمارهم، وحكوا أن أحمد بن محمد بن بشار وكل بها وسامهم حملها إلى البنادره، وأجرى أثمانها في خراجهم ليبقي عليهم عجزاً يطالبهم به، وجرت بينه وبينهم مناظرات ومخاطبات آلت إلى أن كتب إلى ابن بشار بأن يقاسمهم على الثمرة كما يقاسمهم على الغلة.

<<  <   >  >>