للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأزال عن الدولة حرسها الله ما عراها من معرته، وقلد مكانه من وثق بدينه وأمانته، ونصيحته ومخالصته، فاستوسقت الأمور، واستبشر الجمهور، وارتفع الأولياء وانقمع الأعداء، والله يخير لأمير المؤمنين فيما يبرمه ويمضيه، ويوفقه لما يحبه ويرضيه بجوده، ومجده، وكرمه وحمده، إنه فعال لما يريد. هذه أعزك الله حال الباغين والمارقين، والطاغين والناكثين، ومن تغره المهلة، وتفسده الغفلة، وتزله قدماه، ويعصي مولاه، فإن العاقبة للمتقين، والدائرة على المجرمين، والسلامة في طاعة الله وطاعة أمير المؤمنين، والحمد لله رب العالمين. وقال أبو الحسين بن هشام: سمعت أبا الحسن بن الفرات يملي جواباً لبعض العمال على ظهر كتاب: ورد منه بجملة عشرة آلاف دينار، فكان ما أحسن ولا قارب الإحسان، ولا أنا بالراضي بشيء من أمره، ولا بالمؤخر عنه ما يكرهه إن أقام على ما هو عليه، وأين عشرة آلاف دينار مما يجب عليه حمله؟ ليكبت إليه في ذلك أغلظ كتاب وأفظعه، وليعرف أني إن استفسدته بعد استصلاحي إياه أنسيته ما سلف مما جرى عليه، فليختر لنفسه ما يراه أصلح لها إن شاء الله.

وحدث أبو الحسين قال: حدثني أبو القاسم سليمان بن الحسن قال: حضرت مناظرة أبي محمد حامد بن العباس وأبي الحسن علي بن عيسى وأبي علي الحسين ابن أحمد المادرائي الملقب بأبي زنبور، لأبي الحسن علي بن محمد بن الفرات وكان ذلك بدار الخلافة، وحضر نصر الحاجب والقواد والقضاة، وأُخرج ابن الفرات وعليه قميصان ورداء، فلما توسط المجلس سلم سلاماً عامً وجلس، فكان ذلك أول

<<  <   >  >>