للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

استخفافه بالقوم، فأقبل عليه حامد وقال له: مددت رجلك، وأطمعت في المحال نفسك، وعولت على القهرمانة يعني زيدان في الشفاعة لك، والمدافعة عنك وظننت أنه يقنع منك بثلاثمائة ألف دينار ونيف، أقررت بها من ودائعك. نريد أن نحاسبك على ما أغللت في ثمانية عشر شهراً من ارتفاعك، وما انضاف إلى ذلك من رزقك، وحق بيت المال في ضياعك التي رفعت عن نفسك لنفسك بأنك أوغرته، وخمسمائة ألف دينار قد حضر من ثقاتك من يواقفك على أنك ارتجعتها من ودائعك التي بقيت لك بعد نكبتك الأولى فكتمتها السلطان أعزه الله بعد يمينك له بالصدق عن جميع مالك، فإذا فرغنا من ذلك عدلنا إلى مرافقك. فقال: أما استغلال ضيعتي فلا مطالبة تتوجه علي به، وقد ردها أمير المؤمنين علي. وأما حق بيت المال الذي أوغرنيه فالحال واحدة فيه. وأما الودائع فلم يكن بقي لي ما لم أصدق عنه فيما تقدم. وأما الثقة الذي أشرت إليه في مواقفتي، فالثقة لا يكون ساعياً لحق ويكني عن باطل. فقال له: قد علمنا أنك تحسن المناظرة، ويطول لسانك بالأقوال المحالة، هذا موقف يحتاج فيه إلى وزن المال، ولا تغتر بالصيانة عن المكروه، فإنني قد شرطت على أمير المؤمنين أعزه الله تسليمك إلي، فاحفظ نفسك ما دمت في ظله قبل أن أبسط عليك من المكاره ما لا تثبت له. قال له ابن الفرات: المكاره تبسط على من أخذ أموال السلطان وفاز بها، وضمن ضمانات باطلةً بفتاوي الفقهاء والكتاب، وحصل الفضل الكبير منها، ولولا إشفاقك من ذلك لما تعرضت لما لا تحسنه وفضحت نفسك، وهتكت المملكة بالدخول فيه.

<<  <   >  >>