للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فقال له حامد: ما هذا التبسط يا عاض كذا من أبيه، حتى كأنك الوزير ونحن بين يديك. فقال ابن الفرات: دار أمير المؤمنين تصان عن السخف، وحضور هؤلاء القواد القضاة يمنع عن الفحش. فيا ليت شعري يا حامد ما الذي غرك؟ وليس ما أنت فيه بيدراً تقسمه، وأكاراً تشتمه وتحلق لحيته وتضربه، وعاملاً تذبح دابته وتعلق رأسها في عنقه، فإنما هذه الدار وهذا المجلس دار ومجلس الخليفة اللذان منهما يشيع العدل في أقطار الأرض، وإنما مكنت من مناظرتي، ولم تجعل لك سبيل إلى عرضي، ولولا أنني أتصون عن فعل مثلك لاقتصصت في القول والشتم منك، ومع إمساكي فقد وجب الحد عليك فيما أطلقت به لسانك. فأقبل علي بن عيسى على حامد وقال له: يدعني الوزير أعزه الله حتى أناظره، وقال لأبي الحسن بن الفرات: يا أبا الحسن أعزك الله تعرف هذا؟ وأومى إلى أبي زنبور فقال: ما أُنكره من سوء. قال: هو أبو علي الحسين بن أحمد المادرائي عامل مصر الذي قصدته وأفقرته، وخدمته معروفة في رده مصر على السلطان دفعات. فكيف لا تعرفه؟ فقال: لم ينكر علي أني لم أُثبته؟ فإن عهدي طويل به، وكنت أعرفه يكتب لعامل نهر جوبر بعشرين ديناراً في الشهر. ثم صحب الطولونيين العصاة، فعظمت حاله ونعمته معهم، ولم أره إلى وقتي هذا. فقال علي بن عيسى لأبي زنبور: واقفه على ما ذكرت.

<<  <   >  >>