ثَوَاب الْعَامِل على الصَّدَقَة بِالْحَقِّ:
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِم بن عمر عَن قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْعَامِلُ عَلَى الصَّدَقَةِ بِالْحَقِّ كالغازي فِي سَبِيل الله".
نصيحة لمن عمل فِي مَال الْمُسلمين:
قَالَ: ثَنَا بعض أشياخنا عَن طَاوُوس، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ عَلَى الصَّدَقَةِ؛ فَقَالَ لَهُ "اتَّقِ اللَّهَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ لَا تجئ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِبَعِيرٍ تَحْمِلُهُ عَلَى رقبتك لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةٍ لَهَا خوار أَو شَاة لَهَا تؤاج"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا لَهَكَذَا؟ قَالَ: "أَيْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِلا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ" قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَتَأَمَّرُ عَلَى اثْنَيْنِ أَبَدًا.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلا يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللَّتْبِيَّةِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ؛ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ إِلَيَّ، قَالَ: فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمَدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ إِلَيَّ. أَفَلا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَبَيت أمه حَتَّى ينظر أيهدى إِلَيْهِ أَمْ لَا؟! وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ؛ إِمَّا بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةٌ تَيْعَرُ -ثُمَّ رفع يَدَيْهِ حَتَّى رُؤِيَ بَيَاضُ إِبِطَيْهِ- فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَلْ بلغت؟ ".
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعَثَهُ سَاعِيًا؛ فَرَآهُ فِي بَعْضِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ "أَمَا يَسُرُّكَ أَنْ تَكُونَ فِي مِثْلِ الْجِهَادِ؟ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ، وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنِّي أَظْلِمُهُمْ؟ قَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: يَقُولُونَ تَأْخُذُ مِنَّا السَخْلَةَ. قَالَ: أَجَلْ، خُذْ مِنْهُمْ وَإِنْ جَاءَ بِهَا الرَّاعِي يَحْمِلُهَا عَلَى كَتِفِهِ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّكَ تَدَعُ لَهُمُ الرُّبَى وَالأَكِيلَةَ وَفَحْلَ الْغَنَمِ والماخض"١.
قَالَ: وحَدثني عَطَاءُ بْنُ عَجْلانَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ سُفْيَانَ بْنَ مَالِكٍ سَاعِيًا بِالْبَصْرَةِ؛ فَمَكَثَ حِينًا ثُمَّ اسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ، فَقَالَ: أَو لست فِي جِهَادٍ؟ قَالَ: مِنْ أَيْنَ، وَالنَّاسُ يَقُولُونَ هُوَ يَظْلِمُنَا؟ قَالَ: وَفِيمَ؟ قَالَ يَقُولُونَ: يَعُدُّ عَلَيْنَا السَّخْلَةُ. قَالَ: فَعُدَّهَا وَإِنْ جَاءَ بِهَا الرَّاعِي يَحْمِلُهَا عَلَى كَتِفِهِ، قَالَ: أَو لَيْسَ
١ الربي من ترْضع أبناءها، والأكيلة الَّتِي يعلفها صَاحبهَا لتسمن فيأكلها، والماخض الْحَامِل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute