فَصْلٌ: فِي قِتَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَأهل الْبَغي وَكَيْفَ يُدْعَوْنَ
وَسَأَلْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ أَهْلِ الشِّرْكِ أَيُدْعَوْنَ إِلَى الإِسْلامِ قَبْلَ الْحَرْبِ أَمْ يُقَاتَلُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْعَوْا؟ وَمَا السُّنَّةُ فِي دُعَائِهِمْ وَقِتَالِهِمْ وَسَبْيِ ذَرَارِيهِمْ وَعَنْ أَهْلِ الْبَغْيِ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ كَيْفَ حَرْبُهُمْ؟ وَهَلْ يُدْعَوْنَ إِلَى الإِسْلامِ وَالدُّخُولِ فِي الْجَمَاعَةِ قَبْلَ أَنْ يُوقَعَ بِهِمْ، وَمَا الْحُكْمُ فِي أَمْوَالِ مِنْ ظُفِرَ بِهِ مِنْهُمْ وَذُرِّيَتِهِ؟
الدعْوَة إِلَى الْإِسْلَام قبل الْقِتَال:
قَالَ أَبُو يُوسُف: لَمْ يُقَاتِلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمًا قَطُّ فِيمَا بَلَغَنَا حَتَّى يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنّ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمًا قَطُّ حَتَّى يَدْعُوهُمْ.
وَحَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: لَمَّا غَزَا سَلْمَانُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ فَارِسٍ قَالَ: كُفُّوا حَتَّى أَدْعُوهُمْ كَمَا كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوهُمْ؛ فَأَتَاهُمْ فَقَالَ: "إِنَّا نَدْعُوكُمْ إِلَى الإِسْلامِ فَإِنْ أَسْلَمْتُمْ فَلِكُل مِثْلُ مَا لَنَا وَعَلَيْكُمْ مِثْلُ مَا عَلَيْنَا، وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَأَعْطُونَا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَأَنْتُمْ صَاغِرُونَ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ قَاتَلْنَاكُمْ"، قَالُوا: أَمَّا الإِسْلامَ فَلا نُسْلِمُ، وَأَمَّا الْجِزْيَةَ فَلا نُعْطِيهَا وَأَمَّا الْقِتَالُ فَإِنَّا نُقَاتِلُكُمْ؛ فَدَعَاهُمْ كَذَلِكَ ثَلاثًا فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ لِلنَّاسِ "انْهَدُّوا١ إِلَيْهِمْ".
من قَالَ بِالْقِتَالِ بِدُونِ دَعْوَة:
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَالتَّابِعِينَ: أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ مِمَّنْ يَبْلُغُهُ جُنُودُنَا إِلا وَقَدْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ وَحَلَّ لِلْمُسْلِمِينَ قِتَالُهُمْ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ.
حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَن دُعَاء الديلم؛ فَقَالَ: قد عَلِمُوا مَا يُدْعَوْنَ إِلَيْهِ.
وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ لَا يُدْعَى الْمُشْرِكُونَ الْيَوْمَ، وَيَقُولُ: أَنَّهُمْ قَدْ عَرَفُوا دِينَكُمْ وَمَا تدعون إِلَيْهِ.
١ أَي انهضوا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute