فصل: فِي العشور وَحكم من يجبونها
قَالَ أَبُو يُوسُف: أَمَّا الْعُشُورُ فَرَأَيْتُ أَنْ تُوَلِّيَهَا قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الصَّلاحِ وَالدِّينِ وَتَأْمُرَهُمْ أَنْ لَا يَتَعَدُّوا عَلَى النَّاسِ فِيمَا يُعَامِلُونَهُمْ بِهِ فَلا يَظْلِمُوهُمْ وَلا يَأْخُذُوا مِنْهُمْ أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، وَأَنْ يَمْتَثِلُوا مَا رَسَمْنَاهُ لَهُمْ، ثُمَّ تَتَفَقَّدَ بَعْدُ أَمْرَهُمْ وَمَا يُعَامِلُونَ بِهِ مَنْ يَمُرَّ بِهِمْ، وَهَلْ يُجَاوِزُونَ مَا قَدْ أُمِرُوا بِهِ؟ فَإِنْ كَانُوا قَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ عَزَلْتَ وَعَاقَبْتَ، وَأَخَذْتَهُمْ بِمَا يَصِحُّ عِنْدَكَ عَلَيْهِمْ لِمَظْلُومٍ أَوْ مَأْخُوذٍ مِنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانُوا قَدِ انْتَهَوْا إِلَى مَا أُمِرُوا بِهِ، وَتَجَنَّبُوا ظُلْمَ الْمُسْلِمِ وَالْمُعَاهَدِ أَثَبْتَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الأَمْرَ وَأَحْسَنْتَ إِلَيْهِمْ؛ فَإِنَّكَ مَتَى أَثَبْتَ عَلَى حُسْنِ السِّيرَةِ وَالأَمَانَةِ وَعَاقَبْتَ عَلَى الظُّلْمِ وَالتَّعَدِّي لِمَا تَأْمُرُ فِي الرَّعِيَّةِ يَزِيدُ الْمُحْسِنُ فِي إِحْسَانِهِ وَنُصْحِهِ، وَارْتَدَعَ الظَّالِمُ عَنْ معاودة الظُّلم والتعدي.
مَا يُؤْخَذ من الْمُسلم وَالذِّمِّيّ وَالْحَرْبِيّ من العشور:
وَأَمَرْتَهُمْ أَنْ يُضِيفُوا الأَمْوَالَ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ بِالْقِيمَةِ، ثُمَّ يُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رُبُعَ الْعُشْرِ، وَمِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِصْفَ الْعُشْرِ وَمِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ الْعُشْرَ مِنْ كُلِّ مَا مُرَّ بِهِ عَلَى الْعَاشِرِ، وَكَانَ لِلتِّجَارَةِ وَبَلَغَ قِيمَةَ ذَلِكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا أُخِذَ مِنْهُ الْعُشْرَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ. وَكَذَلِكَ إِذَا بَلَغَتِ الْقِيمَةُ عِشْرِينَ مِثْقَالا أُخِذَ مِنْهَا الْعُشْرُ؛ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِك أقل لم يُؤْخَذ مِنْهُ شَيْءٌ.
وَإِذَا اخْتُلِفَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مَرَّاتٍ كُلُّ مَرَّةٍ لَا يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ.
وَإِنْ أَضَافَ بَعْضَ الْمَرَّاتِ إِلَى بَعْضٍ وَكَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ تَبْلُغُ أَلْفًا فَلا شَيْءَ فِيهِ، وَلا يُضَافُ بَعْضُ ذَلِكَ إِلَى بَعْضٍ، وَإِذَا مُرَّ عَلَيْهِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ مَضْرُوبَةٍ أَوْ عِشْرِينَ مِثْقَالا تبرا أَو مِائَتي دِرْهَم فضَّة أَوْ عِشْرِينَ مِثْقَالا مَضْرُوبَةً أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ رُبُعَ الْعُشْرِ مِنَ الْمُسْلِمِ وَنِصْفَ الْعُشْرِ مِنَ الذِّمِّيِّ وَالْعُشْرَ مِنَ الْحَرْبِيِّ، ثُمَّ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا شَيْءٌ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنَ الْحَوْلِ. وَإِنْ مُرَّ بِهَا غَيْرَ مَرَّةٍ. وَكَذَا إِذَا مُرَّ بِمَتَاعٍ قَدِ اشْتَرَاهُ للتِّجَارَة؛ فَإِن كَانَ الْمَتَاعُ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ عِشْرِينَ مِثْقَالا أُخِذَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُسَاوِي وَكَانَتْ قِيمَتُهُ تَنْقُصُ عَنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ عِشْرِينَ مِثْقَالا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْء.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute