فَصْلٌ: فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ وقدرها وَمِمَّا تجوز
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَالْجِزْيَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِمَّنْ فِي السَّوَادِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ وَسَائِرِ الْبُلْدَانِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ وَالصَّابِئِينَ وَالسَّامِرَةِ مَا خَلا نَصَارَى بَنِي تغلب وَأهل نَجْرَانَ خَاصَّةً؛ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْجِزْيَةَ عَلَى الرِّجَالِ مِنْهُمْ دُونَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ: عَلَى الْمُوسِرِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَعَلَى الْوَسَطِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَعَلَى الْمُحْتَاجِ الْحَرَّاثِ الْعَامِلِ بِيَدِهِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْهُمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَإِنْ جَاءُوا بِعَرْضٍ قُبِلَ مِنْهُمْ مِثْلُ الدَّوَابِّ وَالْمَتَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ بِالْقِيمَةِ، وَلا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي الْجِزْيَةِ مَيْتَةٌ وَلا خِنْزِيرٌ وَلا خَمْرٌ؛ فَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَنْهَى عَنْ أَخْذِ ذَلِكَ مِنْهُمْ فِي جزيتهم، وَقَالَ: ولوها أرباباها؛ فَلْيَبِيعُوهَا وَخُذُوا مِنْهُمْ أَثْمَانَهَا هَذَا إِذَا كَانَ هَذَا أَرْفَقُ بِأَهْلِ الْجِزْيَةِ.
وَقَدْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أبي طَالب كرم الله وَجه فِيمَا بَلَغَنَا يَأْخُذُ مِنْهُمْ فِي جِزْيَتِهِمُ الإِبَرَ وَالْمَسَالَّ وَيَحْسِبُ لَهُمْ من خراج رُءُوسهم.
أَصْنَاف يعفون من الْجِزْيَة:
وَلا تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنَ الْمِسْكِينِ الَّذِي يُتَصَّدَّقُ عَلَيْهِ، وَلا مِنْ أَعْمَى لَا حِرْفَةَ لَهُ وَلا عَمَلَ، وَلا مِنْ ذِمِّيٍّ يُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلا مِنْ مُقْعَدٍ، وَالْمُقْعَدُ وَالزَّمِنُ إِذَا كَانَ لَهُمَا يَسَارٌ أُخِذَ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ الأَعْمَى، وَكَذَلِكَ الْمُتَرَهِّبُونَ الَّذِينَ فِي الدِّيَارَاتِ إِذَا كَانَ لَهُمْ يَسَارٌ أَخَذَ مِنْهُمْ وَإِن كَانَ إِنَّمَا هُمْ مَسَاكِينُ يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الْيَسَارِ مِنْهُمْ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمْ.
وَكَذَلِكَ أَهْلُ الصَّوَامِعِ إِنْ كَانَ لَهُمْ غِنًى وَيَسَارٌ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ صَيَّرُوا مَا كَانَ لَهُمْ لِمَنْ يُنْفِقَهُ عَلَى الدِّيَارَاتِ وَمَنْ فِيهَا مِنَ الْمُتَرَهِّبِينَ وَالْقُوَّامِ أُخِذَتِ الْجِزْيَةُ مِنْهُمْ يُؤْخَذُ بِهَا صَاحِبُ الدِّيرِ؛ فَإِنْ أَنْكَرَ صَاحِبُ الدِّيرِ الَّذِي ذَلِكَ الشَّيْءُ فِي يَدِهِ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ بِاللَّهِ وَبِمَا يُحْلَفُ بِهِ مِثْلُهُ مِنْ أهل دينه كَمَا فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ تُرِكَ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute