للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَدْخُلَ فِي حَرِيم بِئْر هَذَا الحافز وَلا فِي حَرِيمِ عَيْنِهِ وَلا فِي قَنَاتِهِ، وَلا يَحْفُرَ فِيهِ بِئْرًا؛ فَإِنْ حَفَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَكَانَ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَيُطِمَّ مَا حَفَرَ الثَّانِي لأَنَّ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ حَرِيمِ بِئْرِهِ وَعَيْنِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَنَى الثَّانِي فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِنَاءً أَوْ زَرَعَ فِيهِ زَرْعًا أَوْ أَحْدَثَ فِيهِ شَيْئًا كَانَ لِلأَوَّلِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَمَا عَطَبَ فِي بِئْرِ الأَوَّلِ فَلا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَمَا عَطَبَ مِنْ عَمَلِ الثَّانِي فَالثَّانِي ضَامِنٌ؛ وَذَلِكَ لأَنَّهُ أَحْدَثَهُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ.

وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا لَا يُضَرُّ بِهِ فَاجْعَلْ مُنْتَهَى الْحَرِيمِ إِلَيْهِ؛ فَإِذَا ظَهَرَ الْمَاءُ وَسَاحَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ جَعَلْتَ حريمه كحريم النَّهر.

من حفر بِئْرا فَذَهَبت بِمَاء بِئْر أُخْرَى:

قَالَ: وَلَوْ أَنَّ الثَّانِيَ حَفَرَ بِئْرًا فِي غَيْرِ حَرِيمِ الأَوَّلِ وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْهُ فَذَهَبَ مَاءُ الأَوَّلِ وَعَرَفَ أَنَّ ذَهَابَهُ مِنْ حفر هَذَا الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الآخَرِ شَيْءٌ؛ لأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِي حَرِيمِ الأَوَّلِ شَيْئًا. أَلا تَرَى أَنِّي أَجْعَلُ لِلآخَرِ حَرِيمًا مِثْلَ حَرِيمِ الأَوَّلِ وَحَقًّا مِثْلَ حَقِّ الأَوَّلِ؟ وَكَذَلِكَ الْعَيْنُ أَيْضًا مثل بِئْر العطن والناضح.

القَوْل فِي حكم المحتجر:

قَالَ أَبُو يُوسُف: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِمَارَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِمُحْتَجِرٍ حَقٌّ بَعْدَ ثَلاثِ سِنِين.

قَالَ أَبُو يُوسُف: فَأُخِذَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ مَنْ يَحْتَجِرُ حَقًّا بَعْدَ ثَلاثِ سِنِينَ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ فَلا حَقَّ لَهُ. والمحتجر هُوَ أَن يَجِيء الرَّجُلُ إِلَى أَرْضٍ مَوَاتٍ فَيَحْظِرَ عَلَيْهَا حَظِيرَةً وَلا يَعْمُرُهَا وَلا يُحْيِيهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا إِلَى ثَلاثِ سِنِينَ؛ فَإِنْ لَمْ يُحْيِهَا بَعْدَ ثَلاثِ سِنِينَ فَهُوَ فِي ذَلِكَ وَالنَّاسُ شَرْعٌ وَاحِدٌ فَلا يَكُونُ أَحَقُّ بِهِ بَعْدَ ثَلاثِ سِنِين.

أعطال الْآبَار:

قَالَ أَبُو يُوسُف: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الأَعْطَانِ؛ فَقَالَ: أَمَّا الْجَاهِلِيَّةِ مِنْهَا فَكَانَت خَمْسِينَ؛ فَلَمَّا كَانَ الإِسْلامُ جَعَلَ بَين البئرين خَمْسُونَ لِكُلِّ بِئْرٍ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ نَوَاحِيهَا.

قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: من حفر

<<  <   >  >>