للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْهُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُف: لَا شَيْء على الْمُقْتَص لِلآثَارِ الَّتِي جَاءَتْ فِي ذَلِكَ؛ إِنَّمَا هَذَا رَجُلٌ أُخِذَ لَهُ بِحَق وَأخذ مِنَ الْمَيِّتِ بِحَقٍّ وَلَمْ يَتَعَدَّ عَلَيْهِ، إِنَّمَا قَتَلَهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، بل إِنْ كَانَ اقْتَصَّ مِنْهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الإِمَامِ، وَلإِرْضَاءِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ فَمَاتَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ ذَلِكَ فَالدِّيَةُ فِي مَالِ الَّذِي اقْتَصَّ لِنَفْسِهِ، وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: هَذَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ الْقِصَاصُ.

الْمَقْتُول الَّذِي لَهُ وليان أَحدهمَا صَغِير:

قَالَ أَبُو يُوسُف: وَإِذَا قُتِلَ الرَّجُلُ، وَلَهُ وَلِيَّانِ ابْنَانِ صَغِيرٌ وَكَبِيرٌ وَلا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا فَإِنَّ الْفَقِيهَ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ يَقُولُ: أَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ مِنَ الْكَبِيرِ وَأَقْضِي لَهُ بِالْقِصَاصِ وَلَا أنْتَظر إِلَى كِبَرِ الصَّغِيرِ، وَيَقُولُ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَبُرَ هَذَا مَعْتُوهًا أَكُنْتُ أَحْبِسُ هَذَا؟ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَا أَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ حَتَّى يَكْبُرَ الصَّغِيرُ وَيَجْعَلُهُ مِثْلَ الْغَائِبِ لَا يُقْتَلُ حَتَّى يَقْدِمَ الْغَائِبُ.

وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: لَا يُشْبِهُ الْغَائِبُ الصَّغِيرَ لأَنَّ الْوَلِيَّ يَأْخُذُ لِلصَّغِيرِ وَلا يَأْخُذُ لِلْكَبِيرِ الْغَائِبِ إِلا بِوَكَالَةٍ. وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقْبَلُ الْوَكَالَةَ فِي الدَّمِ الْعَمْدِ وَيَقْتَصُّ، وَكَانَ فَقِيهُنَا أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَقْبَلُ الْوَكَالَةَ فِي الدَّمِ الْعَمْدِ، وَهَذَا أحسن.

قَالَ أَبُو يُوسُف: قَدْ قَتَلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِي الله عَنْهُمَا ابْنَ مُلْجَمٍ وَلِعَلِيٍّ وَلَدٌ صَغِير.

من أَمر بِشَيْء أَو فعله فَعَطب مِنْهُ إِنْسَان:

قَالَ أَبُو يُوسُف: وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ هَؤُلاءِ التُّجَّارِ الَّذِينَ فِي الأَسْوَاقِ وَالأَرْبَاضِ وَالْمَحَالِّ أَمَرَ أَجِيرًا عِنْدَهُ فَرَشَّ فِي طَرِيقِ فِنَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَعَطَبَ بِهِ عَاطِبٌ؛ فَالضَّمَانُ عَلَى الآمِرِ وَإِنْ كَانَ أَمَرَهُ فَتَوَضَّأَ فِي الطَّرِيقِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ، مِنْ قِبَلِ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْوُضُوءِ لِلْمُتَوَضِّئِ وَمَنْفَعَةَ الرَّشِّ لِلآمِرِ.

وَأَيُّمَا رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَحَفَرَ لَهُ بِئْرًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ فَوَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ فَمَاتَ؛ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ عَلَى الأَجِيرِ، وَلَكِنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ فِي ذَلِكَ لأَنَّ الأُجَرَاءَ لَا يَعْرِفُونَ إِذَا تُقَام ذَلِكَ فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُسْتَأْجِرِ.

فَإِنْ عَثَرَ رَجُلٌ بِحَجَرٍ فَوَقَعَ فِي هَذِهِ الْبِئْرِ فَالضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِ الْحَجَرِ، كَأَنَّهُ دَفَعَهُ بِيَدِهِ،

<<  <   >  >>