حَدَّثَنِي عَاصِمٌ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَسَّانٍ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَإِذَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَإِذَا رَايَاتٌ سُودٌ؛ فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَدِمَ مِنْ غَزَاةٍ، وَبِلالٌ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا.
بعث الْجَيْش أول النَّهَار وَإِذا غلب على الْقَوْم:
وَكَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ جَيْشًا أَوْ سَرِيَّةً بَعَثَهُمْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، وَكَانَ يَدْعُو بِالْبَرَكَةِ لأُمَّتِهِ فِي بكورنها، وَكَانَ يُحِبُّ السَّفَرَ يَوْمَ الْخَمِيسِ.
حَدَّثَنَا يَعْلَى عَنْ عِمَارَةَ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا".
قَالَ: وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْقِدُ لأَمِيرِ الْجَيْشِ لِوَاءً فِي رُمْحِهِ، عَقَدَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ لِوَاءً فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلاسِلِ، وَعَقَدَ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ لِوَاءً فيرمحه، ثُمَّ قَالَ لَهُ: "سِرْ فَإِنَّ اللَّهَ مَعَكَ"، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَلَبَ عَلَى قَوْمٍ أَحَبَّ أَنْ يُقِيمَ بِعَرَصَتِهِمْ ثَلاثًا.
حَدَّثَنِي سَعِيد بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَلَبَ عَلَى قَوْمٍ أَحَبَّ أَنْ يُقِيمَ بِعَرَصَتِهِمْ ثَلاثًا.
دُعَاء السّفر:
وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ فِي سَفَرٍ قَالَ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَزْعَةِ فِي السَّفَرِ وَالْكَآبَةِ فِي الْمُنْقَلَبِ، اللَّهُمَّ اقْبِضْ لَنَا الأَرْضَ وَهَوِّنْ عَلَيْنَا السَّفَرَ"، وَإِذَا رَجَعَ يَقُولُ: "آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ"؛ فَإِذَا دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ قَالَ: "تَوْبًا تَوْبًا لِرَبِّنَا أَوْبًا لَا يُغَادر علينا حوبا".
وصاة الْجَيْش الْمُحَارب وَحكم الْمُحَاربين:
حَدَّثَنِي بِذَلِكَ مِنْهَالٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُوصِي أُمَرَاءَ الأَجْنَادِ إِذَا وَجَّهَهُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَبِمَنْ مَعَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، وَيَقُولُ: "اغْزُوا بِسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، تُقَاتِلُونَ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، اغْزُوا وَلا تَغُلُّوا وَلا تغدروا وَلَا تمثلوا وَلَا تقتلتوا امْرَأَةً وَلا وَلِيدًا".
وَحَدَّثَنِي أَبُو جَنَابٍ عَنْ أَبِي الْمُحَجَّلِ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، أَوْ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا اجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَيْشٌ مِنْ أَهْلِ الإِيمَانِ بَعَثَ عَلَيْهِمْ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ؛ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَيْشٌ فَبَعَثَ عَلَيْهِمْ سَلَمَةَ بْنَ قَيْسٍ فَقَالَ: "سِرْ بِسْمِ اللَّهِ تُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ فَإِذا لَقِيتُم عَدوكُمْ