للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُعْرَضُ عَلَيْهِنَّ الإِسْلامُ فَإِنْ أَسْلَمْنَ أَوْ لَمْ يُسْلِمْنَ وُطِئْنَ وَاسْتُخْدِمْنَ وأجبرن على الْغسْل١.

موادعة افمام أهل الْحَرْب:

قَالَ أَبُو يُوسُف: وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْنَا فِي ذَلِك وَالله أعلم.

قَالَ أَبُو يُوسُف: وَإِنْ وَادَعَ الْوَالِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ سِنِينَ مُسَمَّاةً عَلَى أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ مَنْ أَتَاهُ مِنْهُمْ مُسْلِمًا؛ فَلا يَنْبَغِي لِلإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ الْمُوَادَعَةَ عَلَى هَذَا وَلا يُجِيزُ مَا فَعَلَ وَالِيهِ مِنْ ذَلِكَ إِذَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ قُوَّةً عَلَيْهِمْ. وَلا يَجُوزُ أَنْ يُوَادِعَ الْوَالِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ إِذَا كَانَ بالْمُسْلِمِينَ قُوَّةً عَلَيْهِمْ؛ فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا أَرَادَ تَأَلُّفَهُمْ بِذَلِكَ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإِسْلامِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ فَلا بَأْسَ أَنْ يُوَادِعَهُمْ حَتَّى يَسْتَصْلِحَ أَمرهم.

القَوْل فِي موادعة الْمُشْركين:

وَإِنْ حَصَرَ قَوْمٌ مِنْ الْعَدُوِّ قَوْمًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي حِصْنٍ فَخَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ قُوَّةٌ عَلَيْهِمْ؛ فَلا بَأْسَ بِأَنْ يُوَادِعُوهُمْ وَيَفْتَدُوا مِنْهُمْ بِمَالٍ وَيَشْتَرِطُوا لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوا لَهُمْ من جَاءَ مِنْهُم مُسلما، وَإِذا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ قُوَّةً عَلَيْهِمْ لَمْ يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُمْ وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ الأَمْرَيْنِ.

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَنْ يَفْتَدِي بِثُلُثِ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ، فَاسْتَشَارَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ وَسَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ؛ فَقَالَ: "إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الْعَرَبَ قَدْ رَمَتْكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ وَكَالَبُوكُمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ نَفْتَدِي بِثُلُثِ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ وَنَكْسِرَهُمْ بِذَلِكَ إِلَى أَمَدٍ مَا"؛ فَقَالا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ كُنَّا نَحْنُ وَهَؤُلاءِ عَلَى شِرْكٍ وَهُمْ لَا يَطْمَعُونَ من ذَلِك فِي ثَمَرَة إِلَّا شِرَاء أَوْ فِي قِرًى٢؛ فَنَحْنُ إِذْ جَاءَ اللَّهُ بِكَ وَبِالإِسْلامِ نُعْطِيهِمْ أَمْوَالَنَا لَيْسَ لَنَا بِهَذَا حَاجَةٌ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَأَنْتُمْ وَذَلِكَ".

قَالَ أَبُو يُوسُف: وَقَدْ وَادَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَمْسَكَ عَنْ مُحَارَبَتِهِمْ؛ فَلِلإِمَامِ أَنْ يُوَادِعَ أَهْلَ الشِّرْكِ إِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ صَلاحُ الدِّينِ وَالإِسْلامِ، وَكَانَ يَرْجُو أَنْ يَتَأَلَّفَهُمْ بذلك على الْإِسْلَام.

حَدِيث غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة:

حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ والكلبي -زَاد بَعضهم


١ أَي الْغسْل من الْجَنَابَة.
٢ أَي ضِيَافَة.

<<  <   >  >>