للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَجَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَطَاءَ الأَنْصَارِ؛ فَبَدَأَ بِأَهْلِ الْعَوَالِي، فَبَدَأَ بِبَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ الأَوْسِ لِبُعْدِ مَنَازِلِهِمْ، ثُمَّ الْخَزْرَجِ حَتَّى كَانَ هُوَ آخِرُ النَّاسِ، وَهُمْ بَنُو مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، وَهُمْ حَوْلَ الْمَسْجِدِ.

قَالَ أَبُو يُوسُف: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْمَدَنِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ يَزِيدَ قَالَ: حَمَلَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَلْفَ أَلْفٍ؛ فَقَالَ عُمَرُ: بِكَمْ قَدِمْتَ؟ فَقَالَ: بِأَلْفِ أَلْفٍ. قَالَ فَأَعْظَمَ ذَلِكَ عُمَرُ، وَقَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا تَقُولُ قَالَ: نَعَمْ، قَدِمْتُ بِمَائَةِ أَلْفٍ وَمِائَةِ أَلْفٍ حَتَّى عَدَّ عَشْرَ مَرَّاتٍ. فَقَالَ عُمَرُ: إِنْ كُنْتَ صَادِقًا لَيَأْتِيَنَّ الرَّاعِي نَصِيبَهُ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَهُوَ بِالْيَمَنِ وَدَمُهُ فِي وَجهه.

التَّفَاضُل فِي الْعَطاء وَسَببه:

قَالَ أَبُو يُوسُف: وَحَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِب عَن يزِيد عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلا هُوَ مَا أَحَدٌ إِلا وَلَهُ فِي هَذَا المَال حَتَّى أُعْطِيَهُ أَوْ مُنِعَهُ، وَمَا أَحَدٌ أَحَقُّ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا عَبْدٌ مَمْلُوكٌ١، وَمَا أَنَا فِيهِ إِلَّا كأحدكم، وَلَكنَّا عَلَى مَنَازِلِنَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَسْمِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَالرَّجُلُ وَتِلادُهُ فِي الإِسْلامِ، وَالرَّجُلُ وَقِدَمُهُ فِي الإِسْلامِ، وَالرَّجُلُ وَغِنَاهُ فِي الإِسْلامِ، وَالرَّجُلُ وَحَاجَتُهُ فِي الإِسْلامِ. وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيتُ لَيَأْتِيَنَّ الرَّاعِي بِجَبَلِ صَنْعَاءَ حَظُّهُ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَهُوَ مَكَانَهُ قَبْلَ أَنْ يَحْمَرَّ وَجْهُهُ يَعْنِي فِي طَلَبِهِ٢. قَالَ: وَكَانَ دِيوَانُ حِمْيَرَ عَلَى حِدَةٍ، وَكَانَ يَفْرِضُ لأُمَرَاءِ الْجُيُوشِ وَالْقُرَى فِي الْعَطَاءِ مَا بَيْنَ تِسْعَةِ آلافٍ وَثَمَانِيَةِ آلافٍ وَسَبْعَةِ آلافٍ عَلَى قَدْرِ مَا يُصْلِحُهُمْ مِنَ الطَّعَامِ وَمَا يَقُومُونَ بِهِ من الْأُمُور.

عَطاء الْأَطْفَال:

قَالَ: وَكَانَ لِلْمَنْفُوسِ إِذَا طَرَحَتْهُ أُمُّهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ؛ فَإِذَا تَرَعْرَعَ بَلَغَ بِهِ مِائَتَيْنِ؛ فَإِذَا بَلَغَ زَادَهُ. قَالَ: وَلَمَّا رَأَى الْمَالَ قَدْ كَثُرَ قَالَ لَئِنْ عِشْتُ إِلَى هَذِهِ اللَّيْلَةِ مِنْ قَابِلٍ لأُلْحِقَنَّ أُخْرَى النَّاسِ بِأُولاهُمْ حَتَّى يَكُونُوا فِي الطَّاء سَوَاءٌ. قَالَ: فَتُوُفِّيَ رَحِمَهُ اللَّهُ قبل ذَلِك.

قَالَ أَبُو يُوسُف: وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُ بِأَخْمَاسِ فَارِسٍ قَالَ: وَاللَّهِ لَا يَجِنُّهَا سَقْفٌ دُونَ السَّمَاءِ حَتَّى أُقَسِّمَهَا بَيْنَ النَّاسِ. قَالَ: فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ بَيْنَ صَفَّيِّ الْمَسْجِد


١ إِذْ العَبْد وَمَا فِي يَده ملك لسَيِّده فَهُوَ لَا يملك اسْتِقْلَالا.
٢ إِذْ الطَّالِب عَادَة مَا يخجل والحمرة دَلِيل عَلَيْهِ.

<<  <   >  >>