حججهم، فعادت طائفة منهم إلى الحق معه، وبقيت طائفة أخرى على موقفها وعنادها (١).
(١) أخرج أحمد (١/ ٣٤٢ رقم ٣١٨٧) وأبو داود (كتاب اللباس، باب لباس الغليظ، رقم ٤٠٣٧) والنسائي في الكبرى (كتاب خصائص علي، باب ذكر مناظرة عبدالله بن عباس الحرورية، واحتجاجه فيما أنكروه على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رقم ٨٥٢٢) - واللفظ له - والحاكم (كتاب قتال أهل البغي، رقم ٢٦٥٦، وكتاب اللباس، رقم ٧٣٦٨) وغيرهم؛ بسند حسن عن ابن عباس قال: لما خرجت الحرورية اعتزلوا في دار، وكانوا ستة آلاف، فقلت لعلي: يا أمير المؤمنين، أبرد بالصلاة، لعلي أكلم هؤلاء القوم، قال: إني أخافهم عليك، قلت: كلا، فلبستُ، وترجَّلتُ، ودخلت عليهم في دار نصف النهار، وهم يأكلون فقالوا: مرحبا بك يا ابن عباس، فما جاء بك؟ قلتُ لهم: أتيتكم من عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين، والأنصار، ومن عند ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وصهره، وعليهم نزل القرآن، فهم أعلم بتأويله منكم، وليس فيكم منهم أحد، لأبلغكم ما يقولون، وأبلغهم ما تقولون، فانتحى لي نفر منهم قلت: هاتوا ما نقمتم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه، قالوا: ثلاث، قلتُ: ما هن؟ قال: أما إحداهن، فإنه حكم الرجال في أمر الله، وقال الله: {إن الحكم إلا لله} [الأنعام: ٥٧] ما شأن الرجال والحكم؟ قلت: هذه واحدة قالوا: وأما الثانية، فإنه قاتل، ولم يسب، ولم يغنم، إن كانوا كفارا لقد حل سباهم، ولئن كانوا مؤمنين ما حل سباهم ولا قتالهم قلت: هذه ثنتان، فما الثالثة؟ وذكر كلمة معناها قالوا: محى نفسه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين، فهو أمير الكافرين، قلت: هل عندكم شيء غير هذا؟ قالوا: حسبنا هذا، قلت: لهم أرأيتكم إن قرأت عليكم من كتاب الله جل ثناؤه وسنة نبيه ما يرد قولكم أترجعون؟ قالوا: نعم، قلت: أما قولكم: حكم الرجال في أمر الله، فإني أقرأ عليكم في كتاب الله أن قد صير الله حكمه إلى الرجال في ثمن ربع درهم، فأمر الله تبارك وتعالى أن يحكموا فيه، أرأيت قول الله تبارك وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد، وأنتم حرم، ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم} [المائدة: ٩٥] وكان من حكم الله أنه صيره إلى الرجال يحكمون فيه، ولو شاء لحكم فيه، فجاز من حكم الرجال، أنشدكم بالله أحكم الرجال في صلاح=