• خِلافة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، ومبايعة الصحابة له:
لمَّا كان أهل الشورى الذين سمَّاهم عمر قد آل أمر الاختيار بينهم إلى رجلين: عثمان وعليّ، ولمَّا استقر الأمر على تقديم عثمان، ولمَّا كان عثمان قد قُتِل غدرا دون أن يستخلف؛ كان الترتيب المنطقي أن تؤول الخلافة إلى علي بن أبي طالب، فقد كان هو أحق الناس بها في ذلك الوقت، ولذا بايعه الصحابة.
قال الزهري:«لما قُتِل عثمان: برز عليُّ بن أبي طالب للناس ودعاهم إلى البيعة، فبايعه الناس ولم يعدلوا به طلحة ولا غيره، وهذا لأن سائر من بقي من أصحاب الشورى كانوا قد تركوا حقوقهم عند بيعة عثمان، فلم يبق أحد منهم لم يترك حقه إلا علي، وكان قد وفَّى بعهد عثمان حتى قتل، وكان أفضل من بقي من الصحابة، فلم يكن أحد أحقَّ بالخلافة منه، ثم لم يستبد بها مع كونه أحق الناس بها حتى جرت له بيعة، وبايعه مع سائر الناس من بقي من أصحاب الشورى»(١).
وقال أبو عبدالله بن بطة: «كانت بيعةُ عليٍّ بيعةَ اجتماع ورحمة، لم يدعُ إلى نفسه، ولم يجبرهم على بيعته بسيفه، ولم يغلبهم بعشيرته، ولقد
(١) إسناده حسن إلى الزهري: أخرجه البيهقي في الاعتقاد (ص: ٣٧٠ - ٣٧١).