وأما البُرك بن عبدالله، فإنه في تلك الليلة التي ضُرِب فيها عليٌّ قعد لمعاوية، فلما خرج ليصلي الغداة شدَّ عليه بسيفه، فوقع السيف في أليته، فأُخذ، فقال: إن عندي خيرا أسرُّك به، فإن أخبرتك فنافعي ذلك عندك؟ قال: نعم، قال: إن أخا لي قتل عليا في مثل هذه الليلة، قال: فلعله لم يقدر على ذلك! قال: بلى، إن عليا يخرج ليس معه من يحرسه، فأمر به معاوية فقُتِل. وبعث معاوية إلى الساعدي- وكان طبيبا- فلما نظر إليه قال: اختر إحدى خصلتين: إما أن أحمي حديدة فأضعها موضع السيف، وإما أن أسقيك شربة تقطع منك الولد، وتبرأ منها، فإن ضربتك مسمومة، فقال معاوية: أما النار فلا صبر لي عليها، وأما انقطاع الولد فإن في يزيد وعبدالله ما تقر به عيني، فسقاه تلك الشربة فبرأ، ولم يولد له بعدها، وأمر معاوية عند ذلك بالمقصورات وحرس الليل وقيام الشرطه على رأسه إذا سجد. وأما عمرو بن بكر فجلس لعمرو بن العاص تلك الليلة، فلم يخرج، وكان اشتكى بطنه، فأمر خارجة بن حذافة، وكان صاحب شرطته، فخرج ليصلي، فشد عليه وهو يرى أنه عمرو، فضربه فقتله، فأخذه الناس، فانطلقوا به إلى عمرو يسلمون عليه بالإمرة، فقال: من هذا؟ قالوا: عمرو، قال: فمن قتلتُ؟ قالوا: خارجة بن حذافة، قال: أما والله يا فاسق ما ظننته غيرك، فقال عمرو: أردتني وأراد الله خارجة، فقدَّمه عمرو فقُتِل. انظر: تاريخ الطبري (٥/ ١٤٩).