للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

درجة واحدة في المغالاة والإفراط، بل هم على درجات متفاوتة، وأعلى هؤلاء من الغلاة: من جعلوا عليَّا هو الإله! وقد ظهر هؤلاء في زمن عليٍّ نفسه، وشاهدهم بعينه، وأنكر كلامهم، وردَّهم عن قولهم، فلما أَبَوْا: أحرقهم (١).

ودون هؤلاء طائفة أخرى جعلوا منزلة عليٍّ أفضل من منزلة النبي صلى الله عليه وسلم، بل منهم من زعم أنه كان أحق بالنبوة منه، وأن الله ـ عز وجل - أرسل جبريل - عليه السلام - إلى علي، فغلط في طريقه فذهب إلى محمد، لأنه كان يشبهه!

وطائفة أخرى جعلت عليا أفضل الصحابة على الإطلاق، وأولى الناس بالخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذمُّوا الشيخين (أبا بكر وعمر)، وانتقصوا من قدرهما، وزعموا أن الصحابة

خانوا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بتولية علي الخلافة من بعده!

وأدنى هؤلاء الغلاة قولا واعتقادا في علي: من حفظوا للشيخين مكانتيهما، واعترفوا بخلافتيهما، لكنهم يقدِّمون عليا على عثمان بن عفان، ويرون أنه كان أحق بالخلافة منه (٢).


(١) قصة إحراق علي للزنادقة والمرتدين أخرجها مختصرة: البخاري (كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، رقم ٣٠١٧، و كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم، رقم ٦٩٢٢) عن عبدالله بن عباس. وانظر تفصيل القصة في فتح الباري (١٢/ ٢٧٠).
(٢) انظر للمزيد عن هذه الفرق واعتقاداتها وأسمائها: مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري (١/ ٢٥ - ٤٣)، التبصير في الدين لأبي المظفر الأسفراييني (ص: ١٢٣ - ١٢٩)، الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم (٤/ ١٣٧ - ١٤٣)، الملل والنحل للشهرستاني (١/ ١٤٦ - ١٩٠)، مجموع الفتاوى لابن تيمية (٤/ ٤٣٥ - ٤٣٧، ١٣/ ٣٣ - ٣٦)، منهاج السنة له (٣/ ٤٧٠ - ٤٨٤)، عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام لناصر بن علي (٣/ ٩٠٥ - ٩٥٠).

<<  <   >  >>