وتحَسَن الإشارة إلى أمور قد يحتاج إلى معرفتها الباحث في هذا الكتاب منها: أن كثيراً من عشائر تِهَامَة وما يقرب منها من سفوح السَّرَوات قد تنتمي إلى الأماكن التي تعيش فيها أو حولها، وتُهمل انتماءها إلى الجِذْم الذي يربطها بأصل معروف، فتشتهر بانتسابها إلى الموضع أكثر من اشتهارها بانتسابها إلى الأصل الذي يربطها بأحد الأصول المعروفة، وهذا معروف منذ القدم، مثل " بارق " و " غسّان " ولهذا فليس أمام من يُعنى بتدوين أحوال العشائر - ممن يجهل الجِذْمَ الذي ينتمي إليه - سوى ذكر الموضع الذي تحله، وهذا ما فعلته، فذكرت عشائر تهامة بأسماء بلادها مثل " بَيْش " و " جازان " و " صَبْيَا " و " فَيْفَا " و " المِخْلاَفَ " و " الْمُوَسَّم " وغيرها ولا شك أن كثيراً ممن ذكرت ذات أصول معروفة - كغيرها من القبائل.
ومنها أن القبائل التي تقع بلادها جنوب المملكة في جهات نجران، وفي بلاد عَسِيْر، وفي غربها في تهامة من مكة جنوباً، حتى اليمن - لا تزال مجهولة، إذ لم تدرس أحوالها، ولم يكتب عن أنسابها سوى نُتَفٍ موجزة، يعتريها الخطأ، وعدم التحقيق، ولهذا فليس أمام من يعنى بالكتابة عنها سوى الاختلاط بها في بلادهم، أو أن يقوم بذلك المثقفون من أبناء تلك القبائل، كما فعل غيرهم من إخوتهم عن قبائل السروات.
ومنها: أن تداخل القبائل سبّب خلافاً واسعاً في نسبة بعض الفروع وقد سِرت في هذا الكتاب على ما هو معروف الآن في عهدنا وإن خالف الصحيح، فذكرت " وَقْدَان " في فروع عُتَيْبَةَ، و " ثُمَالَة " في فروع ثَقِيْف.
ومنها: أن لاختلاف لهجات القبائل أثراً كبيراً في طريقة النطق بالأسماء كعدم التفريق بين الضاد والظاء، والتعاقب بين الجيم والياء، وتقارب النطق بحروف