قال -رحمه الله-: "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن بشر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من تَقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار)) " وهذا أيضاً إسناده حسن لما في محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي هذا في حفظه مقال لأهل العلم، وحديثه حسن، لا ينزل عن الحسن لذاته، وصححه بعضهم، وعلى كل حال التوسط في أمره لما قيل في حفظه أن حديثه من قبيل الحسن، ومثل الحافظ العراقي بالصحيح لغيره بحديثه، فقال:
والحسن المعروف بالعدالة ... والصدق راويه إذا أتى له
طرق أخرى نحوها من الطرق ... صححته كمتن (لولا أن أشق)
إذ تابعوا محمد بن عمرو ... عليه فارتقى الصحيح يجري
محمد بن عمرو هذا الذي معنا، حديثه حسن توبع عليه فارتقى إلى الصحيح، وهذا الإسناد وإن كان حسناً إلا أن المتن صحيح، بل متواتر.
"عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة" الصحابي الجليل، حافظ الأمة على الإطلاق "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من تَقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار)) " قد يقول قائل: إن الأحاديث كيف نقول: إنها متواترة لفظاً ومعنىً وفي بعضها ((لا تكذبوا علي فإن الكذب)) وبعضها: ((من كذب علي)) حسبته قال، ((من كذب علي متعمداً)) ((من تقول علي ما لم أقل)) هذه معناها واحد، لكن ألفاظها مختلفة، فكيف نقول: إنها متواترة لفظاً ومعنى؟ نقول: إنه بهذا اللفظ: ((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)) متواتر، والألفاظ الأخرى قدر زائد على هذا التواتر.
ثم قال -رحمه الله تعالى-: "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يحيى بن يعلى" التيمي "عن محمد بن إسحاق عن معبد بن كعب" وهذا الحديث مروي من طريق محمد بن إسحاق إمام في المغازي، لكنه بالنسبة للحديث أعدل ما يقال فيه: إنه صدوق يدلس، صدوق يعني حديثه من قبيل الحسن، لا يرد ولا يحكم له بأعلى درجات الصحة، بل هو حسن، ومع ذلك هو مدلس، وحدث بالعنعنة هنا، لكنه في مسند أحمد صرح بالسماع، وعلى هذا يكون الخبر حسن إلا أن متنه كما تقدم متواتر.