الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد سأل بعض الإخوة في الدرس الماضي عن حديث العرباض، وقال: هل هو في صحيح مسلم؟
قلت: نعم وهذا سبق لسان، وقصدي الحكم على الحديث الذي بعده كما هو واضح من تخريج الحديث، أما الذي بعده نعم هو في صحيح مسلم، الذي هو حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر، فيه خطبة النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا في الصحيح، وأما حديث العرباض فقد أحضره بعض الإخوة.
يقول: بسم الله الرحمن الرحيم
عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي أنه سمع العرباض بن سارية يقول: وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقلنا: يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ قال:((قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بما عرفتم من سنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وعليكم بالطاعة وإن عبداً حبشياً، فإنما المؤمن كالجمل الأنف)).
في تخريجه قال الأخ الذي كتب الأوراق: أما لفظة: ((وعليكم بالطاعة وإن عبداً حبشياً)) فقد أخرجها بمعناها الإمام البخاري من حديث أنس مرفوعاً: ((اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة)) ومسلم من حديث أبي ذر مرفوعاً: ((إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً مجدع الأطراف)) والإمام مسلم من حديث أم الحصين مرفوعاً أنها سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب في حجة الوداع وهو يقول:((ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا)).
يعني هذه آخر لفظة في الحديث، فلو جعلت هذه في آخر التخريج، يعني يذكر تخريج الحديث الذي بين أيدينا، ثم يذكر ما لجمله من الشواهد جملة جملة، بدءاً من الأولى إلى الآخرة، فهذه هي الجملة الأخيرة فلو أخرت إلى آخر شيء ((وإن عبداً حبشياً)).