المقصود أن كل شخص يقبل في فنه، ولكون ابن أبي ليلى محمد الفقيه يدور اسمه هكذا وبهذا قال فلان وفلان وابن أبي ليلى، وقد وجد بحث عن فقه ابن أبي ليلى، رسالة عن فقه ابن أبي ليلى، ولم يستطع الباحث بعد أن استعان بالكبار من الشيوخ تحديد المراد هل هو الابن أو الأب؛ لماذا؟ لأنه إذا قرأ في ترجمة الابن ورأى الكلام فيه من قبل أهل العلم وأنه سيء الحفظ، قال: هذا لا يستحق أن تدور أقواله في كتب العلم، والأب ما ذكر في ترجمته أنه من أهل الرأي والفقه والنظر، فاحتار كثيراً وسأل كثيراً، لكن ما الذي يحل الإشكال في مثل هذا؟ كتب الفقه لا تقول: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ولا تسميه، في شرح النووي قال لما ذكر محمد بن عبد الرحمن قال: وهو الذي يدور اسمه كثيراً في كتب الفقه؛ لأنه هو الفقيه، وليس المراد به أباه عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعلى هذا كل في فنه معتبر، هذا في الفقه إمام ومعتبر، وأبوه في الحديث إمام ومعتبر، والتخصص معروف من القدم، وقد يكون الإنسان عنده من القدرة على الفهم والاستنباط والدقة فيه وإن كان في حفظه خلل وضعف؛ لأنه يتعامل مع نصوص بين يديه، فمثل هذا يستنبط من النصوص المكتوبة، بعض الناس لديه قدرة على أن يحفظ القدر الكبير لكن في استنباطه ضعف، وذكروا في ترجمة جلال الدين المحلي من فقهاء الشافعية من أئمتهم المتأخرين قالوا: إن فهمه يثقب الماس، وحافظته ضعيفة جداً، تكلف حفظ قطعة يسيرة من كتاب من كتب الفقه فارتفعت حرارته، وصار فيه خراجات ودمامل إلى أن ترك الحفظ، فلا يستطيع أن يحفظ، ومع ذلك صار إمام من أئمة الشافعية المتأخرين، وله كتب يتداولها الناس، مختصرات ومطولات وشروح، فالذي يفهم يتعامل مع الكتب، ولا يمنع أن يمسك الكتاب ويحلل ويشرح لأنه يفهم، والذي وظيفته الحفظ فقط وفهمه أقل مثل هذا عليه أن يحفظ، وعليه أن يسرد إذا طلب منه ما يحفظ، ويعاني الفهم أيضاً بمراجعة الشروح، ويسدد مع الحرص والإخلاص، ومن جمع الله له بين الأمرين الحفظ والفهم فقد اكتملت عنده آلة التحصيل، فبقي أن يبذل من نفسه، ويجتهد في طلبه، مخلصاً في ذلك لله -جل وعلا-.