للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

((وهو يَرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين)) إذا رأى بنفسه أنه كذب فهو أحد الكاذبين وهذا أمره سهل؛ لأنه قد يلقي حديثاً مكذوباً عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لكنه لا يراه مكذوباً وإن رآه غيره، والضبط الثاني: ((من حدث عني حديثاً وهو يُرى)) وهو يُرى يعني أنه كذب ولو لم يره غيره، ولو لم ينتبه له، ولو لم يتفطن له، وإنما يراه غيره، أنه كذب فهو أحد الكاذبَين الذي أنشأه والذي رواه ونقله، أو أحد الكاذبِين يعني من جملة الكذابين الذين يفترون على النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالأمر شديد لا سيما على رواية الضم: ((يُرى)) لا يلزم أن يراه هو بنفسه، يعني وإن رآه غيره أنه كذب، فعلى هذا الأصل الامتناع عن التحديث، فلا يحدث بحديث إلا بعد أن يتأكد من صحة نسبته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه قد يُرى أنه كذب وهو لا يشعر، يراه غيره أنه كذب وهو لا يدري، فيدخل في هذا الحديث، أما على رواية: "يَرى" فهذه الأمر فيها أسهل، الأصل أن تحدث ما لم تر أنه موضوع، لكن الضبط الأول كأنه هو المترجح احتياطاً للسنة، ولو تركنا كل أحد يحدث من الجهال ومن العلماء اللهم إلا إذا قيل: إن الخطاب خاص بأهل العلم، فإن كان يراه كذباً لا يحدث به، وإن كان يراه صحيحاً فليحدث به ولو رآه غيره كذباً فهو أحد الكاذبِين أو الكاذبَين على ما جاء في الضبط.

ثم قال بعد ذلك: "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع ح وحدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قالا: حدثنا وكيع، قالا: حدثنا شعبة" فوكيع ومحمد بن جعفر يرويان الحديث عن شعبة "عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن سمرة بن جندب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من حدث عني حديثاً وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين)) ".

فشعبة متابع لابن أبي ليلى، هذه متابعة لمحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، فارتقى حديثه إلى الصحيح، فهو أحد الكاذبين أو الكاذبين.

<<  <  ج: ص:  >  >>