على الأئمة في عدم أخذهم بما ينسب إلى الخلفاء الراشدين، ويُظن مخالفة لما هنا، غاية ما هنالك أنهم أولوا قول الخلفاء الراشدين كما أولوا الحديث المرفوع.
هارون سموه الرشيد، والرشيد صيغة مبالغة، أبلغ من الراشد، فأبو بكر خليفة راشد، وعمر خليفة راشد بالنص، وعثمان خليفة راشد، وعلي خليفة راشد، وهارون رشيد أبلغ من راشد، لكن هذا لا يعني أنه سمي بهذه التسمية فتكون شرعية، لا يلزم أن تكون مطابقة للواقع، لا سيما وأن محتواها أبلغ مما وصف به الأئمة الأربعة، الخلفاء الأربعة، ويقاس عليها ما في معناها من صيغ المبالغة.
قال -رحمه الله-: "حدثنا عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان الدمشقي قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا عبد الله بن العلاء -يعني ابن زبر- قال: حدثني يحيى بن أبي المطاع قال: سمعت العرباض بن سارية" فهو يصرح بالسماع، والذي في كتب الرجال في ترجمته أنه لم يلقَ العرباض بن سارية، وعلى هذا فالخبر منقطع، وهل يضعف يحيى بن أبي المطاع بهذا التصريح وهو لم يلقه؟ أو نحكم بأنه لقيه من خلال تصريحه؟ ونحكم على ما في كتب الرجال بأنه لم يلقه بأن تصريحه أولى بالقبول من الحكم بعدم لقيه إياه، فعندنا في كتب الرجال يقول: إنه لم يلقَ العرباض بن سارية، وهو يقول: سمعت العرباض بن سارية فهل المقدم قوله فيحكم بالسماع، ويحكم على قولهم بالوهم، ولعلهم لم يطلعوا على هذه الطريق التي فيها التصريح، وإن كان هذا بعيد؟ أو يقدم قولهم ويكون قوله:"سمعت العرباض" إما تصحيف من بعض الرواة، أو يكون فيه سقط في السند، والذي يقول: سمعت العرباض غير يحيى بن أبي المطاع ممن هو بينه وبينه، وعلى كل حال الحديث مضعف بسبب ذلك، بسبب أن يحيى بن أبي المطاع لم يلقَ العرباض بن سارية، وعلى كل حال الحديث له شواهد تشهد لألفاظه، حديث العرباض مروي من طرق، منها ما سيأتي.