قال -رحمه الله- بعد ذلك:"حدثنا إسماعيل بن بشر بن منصور وإسحاق بن إبراهيم السواق قالا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح عن ضمرة بن حبيب عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي" عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي هذا قالوا عنه: إنه صدوق، فحديثه حسن "أنه سمع العرباض بن سارية يقول" الحديث بهذا الإسناد حسن "يقول: وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موعظة" يعني كما تقدم في الخبر السابق "ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقلنا: يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ قال:((قد تركتكم على البيضاء)) " وهذا تقدم على الملة البيضاء، الطريق والمحجة البيضاء التي ((ليلها كنهارها)) يعني لا يمكن أن يرد معها شبهة لا حل لها إلا عند من خالف أو قصر، فالدين واضح -ولله الحمد-، ولا خفاء فيه ولا غبش ولا لبس، لكن بعض الناس يؤتى من قبل نفسه، إما أن يقصر في تعلم الدين، أو يسلك غير سبيل المؤمنين، ولو كان هذا السلوك جزئياً فإنه يدخل عليه الخلل بقدره.
((تركتكم على البيضاء ليلكها كنهارها)) لا يختلف فيها الأمر، فهي واضحة جلية ((لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً)) وقد حصل كما أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- ((فعليكم بما عرفتم من سنتي)) أما ما أنكرتموه فتوقفوا فيه، فإن كنتم من أهل العلم والنظر والتأهل للوصول إلى الصحيح من الضعيف بأنفسكم فهذا فرضكم، فابحثوا وتأكدوا، فإن ثبت فاعملوا به، وإن لم يثبت فاجتنبوه، واطرحوه وألقوه ((بما عرفتم من سنتي)) وإن كنتم لستم من أهل النظر في هذا الباب، ولا تأهلتم لذلك، فاسألوا أهل العلم، هذه فريضة العامي ومن في حكمه يسألوا أهل العلم.
((فعليكم بما عرفتم من سنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وعليكم بالطاعة)) يعني بالسمع والطاعة ((وإن عبداً حبشياً)) وهذا تقدم ((فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد)).