((هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها)) يعني ما يحدث في الدين هو شر أشر من جميع الشرور؛ لأن شر هذه أفعل تفضيل، شر جميع الأمور المحدثات في الدين ((وكل بدعة ضلالة)) وهذا سبق الحديث فيه.
"وكان يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((من ترك مالاً فلأهله، ومن ترك ديناً أو ضياعاً فعلي وإلي)) " وهذا الحديث صحيح، وهو في مسلم.
((من ترك مالاً فلأهله، ومن ترك ديناً أو ضياعاً فعلي وإلي)) الذي يتركه من المال يكون لأهله، يقسم بين ورثته، ومن ترك ضيعاً مالاً أو ضياعاً ما يخشى عليه أن يضيع فعلي وإلي، فالدين يسدد من قبل بيت المال، وكذلك ما يخشى ضياعه يرعى من بيت المال، وهذا قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- في آخر الأمر لما وسع الله عليه، وكان قبل ذلك الدين يثبت في ذمة الميت إلى أن يضمن عنه، ويترك النبي -عليه الصلاة والسلام- الصلاة على المدين حتى ضمن.
قال بعد ذلك:"حدثنا محمد بن عبيد بن ميمون" المدني أبو عبيد "قال: حدثنا أبي" يعني عبيد بن ميمون المدني، وهذا قال عنه أبو حاتم: مجهول، والمجاهيل عند أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل لابنه يزيدون على ألف وخمسمائة، فمنهم من يقول أبو حاتم: مجهول ويسكت، ومنهم من يقول: لا أعرفه، ومنهم من يقول فيه: مجهول أي لا أعرفه، فالجهالة عند أبي حاتم تساوي عدم المعرفة، وكون أبي حاتم لا يعرفه لا يلزم من حاله ألا يعرفه غيره، وعلى هذا هل الجهالة جرح ملازم وقدح في الراوي، أو هي عدم علم بحاله أو هي عدم علم بحال الراوي؟ فلا تكون حينئذٍ جرح، وينبني على ذلك إذا قلنا: إنها جرح مطلقاً قلنا: إن الحديث يضعف بالراوي المجهول، وإذا قلنا: إنها عدم علم بحاله يتوقف في حكمه حتى تعلم حاله.
العلماء في مراتب الجرح والتعديل يجعلون المجهول في مراتب الجرح، فمقتضى ذلك أن يضعف الخبر إذا وجد فيه من قيل فيه: مجهول، والذي يقول: إن الجهالة ليست بجرح، وإنما هي عدم علم بحال الراوي لا يجزم بضعفه، حتى يجد كلاماً في هذا الراوي الذي جهلت حاله.