ثم بعد هذا قال -رحمه الله-: "حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا حماد بن نجيح" وكان ثقة "عن أبي عمران الجوني عن جندب بن عبد الله قال: "كنا مع النبي -عليه الصلاة والسلام- ونحن فتيان حزاورة" يعني جمع حزور أو حزَور، ضبط على الوجهين، والمراد به الغلام الفتي الذي اشتد وقوي، واشتد صلبه "ونحن فتيان حزاورة، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن" تعلموا الإيمان ووقر في قلوبهم، وخالطت بشاشته قلوبهم "ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيماناً" يعني جاء القرآن على قلوب مؤمنة، ورد القرآن على قلوب مؤمنة فازدادوا به إيماناً، لكن من تعلم القرآن قبل الإيمان مثلاً يتصور وإلا ما يتصور؟ تعلم القرآن قبل أن يؤمن، يعني مثل طريقة من يدرس الدين لنقضه مثلاً كالمستشرقين تعلموا القرآن وتعلموا السنة، وتعلموا بقية فنون المعرفة الإسلامية، وهدفهم إفساد الدين على أهله، فتعلموا من القرآن قبل أن يؤمنوا، ثم بعد ذلك أداهم هذا التعلم في بعض الحالات إلى الإيمان، فيكونون على هذا عكس ما كان عليه الصحابة، تعلموا القرآن قبل الإيمان، ثم جاءهم الإيمان، ودخولهم في الإيمان في هذه الحالة وهذه الصورة عن قناعة، لكنه يختلف عن حال من تعلم الإيمان قبل القرآن، فثبته القرآن، ولذا يقول: "فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيماناً" لأن القرآن إذا تليت آياته على المؤمن زادته إيماناً، على القلب المؤمن تزيده إيماناً {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [(٤٥) سورة ق] فالذي ينتفع {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [(٥٥) سورة الذاريات].