للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهب أهل السنة وسط بين القدرية وبين الجبرية، فيرون أن الإنسان له قدرة ومشيئة وإرادة تابعة لمشيئة الله -سبحانه وتعالى-، وأما قول الله -جل وعلا-: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ} [(١٧) سورة الأنفال] أثبت له الرمي ونفاه عنه، فالمراد بالنفي المنفي {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ} [(١٧) سورة الأنفال] يعني الإصابة، إصابة الغرض {إِذْ رَمَيْتَ} [(١٧) سورة الأنفال] الذي هو الحذف أثبته له، فالمخلوق يحذف، لكن المنفي عنه الإصابة، الله -جل وعلا- هو الذي يجعلك تصيب الغرض، وأما أنت منك فعل السبب الذي هو الرمي، فما أصبت إذ حذفت ورميت، ولكن الله -جل وعلا- هو الذي أصاب الغرض، فأثبت له الفعل، لكنه لم يثبته له على سبيل الاستقلال، وله مشيئة تابعة لمشيئة الله -جل وعلا-، وله إرادة تابعة لإرادته، ولو كان مجبوراً، كما تقول الجبرية على أفعاله لكان تعذيبه ظلماً من الله -جل وعلا-، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، إذ كيف يعذب على شيء لا اختيار له فيه؟! كمن يعذب شخص لأنه طويل أو قصير! هذا مقتضى قول الجبرية، وأما القدرية فأثبتوا خالقاً مع الله -جل وعلا-، والله -جل وعلا- يقول: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [(٩٦) سورة الصافات] فالله -جل وعلا- خالق الإنسان وخالق عمله، القدرية النفاة يثبتون خالق مع الله -جل وعلا-، وأنه يستقل بفعله، وعلى كل حال هما في الضلال سواء -نسأل الله العافية-، لا هؤلاء ولا هؤلاء، والقول الوسط هو قول أهل السنة والجماعة، والحديث ضعيف.

طالب:. . . . . . . . .

في مسألة الاستطاعة وإلا غيره؟

طالب:. . . . . . . . .

أولاً: القدرية هؤلاء أهل القدر، القول بنفي القدر انتشر في المعتزلة، فهم قدرية، وانتشر أيضاً في الروافض قدرية؛ لأنهم معتزلة في هذا الباب، وأما الأشاعرة فهم يشابهون الجبرية من مسألة الاستطاعة، يقولون: الاستطاعة لا توجد عند المكلف إلا مقترنة بالفعل، وإلا قبله ليس لديه استطاعة، فقولهم قريب من الجبرية، وبعض الأشاعرة جبرية، بعض الأشاعرة مغرقون في الجبر كالرازي في تفسيره يقرر الجبر، ويستدل له، ويورد الشبهات عليه.

ثم بعد هذا قال -رحمه الله تعالى-:

<<  <  ج: ص:  >  >>