"ثم قال: يا محمد ما الإيمان؟ قال:((أن تؤمن بالله وملائكته ورسله وكتبه واليوم الآخر، والقدر خيره وشره)) " فأجابه بأركانه الستة، كما أجابه بأركان الإسلام.
((تؤمن بالله)) يعني تقر وتعترف وتعتقد بربوبيته وإلهيته، وما ورد عنه من أسمائه وصفاته، وتأتمر بأوامره، وتنتهي عن نواهيه، وأنه هو الخالق الرازق المدبر المحيي المميت، وأنه هو المعبود بحق، وأنه لا يجوز صرف شيء من أنواع العبادة لغيره.
((وملائكته)) وما جاء في وصفهم مما في كتاب الله، وصح في سنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- تؤمن بالرسل كلهم، لا بد من الإيمان بهم، فمن كفر بواحد منهم سواءً كان في الملائكة ممن سمي، أو بالرسل والأنبياء ممن ذكر اسمه وعرف كفر بجميعهم.
" ((واليوم الآخر)) الذي هو البعث بعد الموت ((والقدر خيره وشره)) قال: صدقت، فعجبنا منه يسأله ويصدقه، ثم قال: يا محمد ما الإحسان؟ " يعني مراتب الدين الإسلام، ثم الإيمان، ثم الإحسان، فالإسلام أوسع الدوائر، يطلق على ما لا يطلق عليه الإيمان وهو الإحسان، ثم يليه الإيمان، ثم المرتبة الأخيرة هي مرتبة الإحسان التي لا تحصل لكل أحد، ولو كان مسلماً، ولو كان مؤمناً؛ لأنه يلزم منها ملازمة المراقبة لله -جل وعلا-، وأن يكون الرب -جل وعلا- نصب عيني العابد في جميع عباداته.
"قال: ما الإحسان؟ قال:((أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)) " يعني إذا لم تصل إلى هذه المرتبة التي تعبد الله كأنك تراه، وهذا من قوة إيمانك ويقينك وإذعانك وتصديقك بما جاء عن الله -جل وعلا-، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، يعني إن لم يكن ذاك فلا بد أن تكون على استحضار أنه يراك، فلا تفعل ما لا يرضيه.