للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

على كل حال الكلام على آخر ما يذكر. . . . . . . . .، كلامه في الفقه الأكبر، وما ينقل عنهم معروف يعني، فالإمام أبو حنيفة في هذه المسألة يمكن أن يوصف بالإرجاء، إرجاء الفقهاء، ويميل إلى هذا القول بعض من يكتب في هذه المسائل مسائل الإيمان ومسائل التكفير من المعاصرين، فيجعلون الإيمان على أصله الذي هو الاعتقاد بالقلب والنطق به، وأما الأعمال فهي شرط كمال، يعني مكملة للإيمان غير داخلة في أصله، على كل حال المسألة دقيقة وعميقة، وعلى الإنسان قبل أن يبحث عن هذه الأمور أن يفرق إذا فرق بين مذهب الثلاثة ومذهب أبي حنيفة في هذه المسألة اتضح له كل شيء، وهي مسألة لا شك أنها عويصة؛ لأن من يشترط العمل في صحة الإيمان ويقول: إنه ينتفي بانتفاء العمل، وهذا أشار إليه ابن حجر في التفريق بين قول أهل السنة وبين قول المعتزلة في الإيمان، وقال: إن المعتزلة يرون أنه شرط صحة، وأهل السنة يرون أنه شرط كمال، فينتفي الإيمان انتفاءً كلياً بانتفاء العمل عند المعتزلة، وأما بالنسبة لأهل السنة فلا ينتفي، وإنما ينتفي كماله الواجب.

على كل حال المسألة طويلة الذيول ودقيقة وعميقة لكن يبقى أن العمل لا بد منه، وأما الدعوى لا تقبل بدون برهان، وأن العمل هو البرهان، وأن أصل العمل أصله شرط في صحة الإيمان، وإن لم يكن كقول المعتزلة الذين يقولون: أن العمل كله شرط في صحة الإيمان، بحيث لو ترك واجب من الواجبات، أو ارتكب محرم من المحرمات معناه أنه يخلد في النار عندهم، ولو واحد، إذا كان من الكبائر، وأما أهل السنة فيقولون: جنسه، ما يسمى عمل يمكن أن يستدل به على صحة ما في القلب من اعتقاد هذا شرط، وأما مجرد الدعوة بأنه مؤمن بقلبه دون أن يعمل أي عمل هذا مقتضى قولهم أنه لا يصدق في هذا الاعتقاد، وعلى كل حال المسألة دقيقة جداً، وعجز عن تحريرها كثير ممن يكتب في هذا الوقت.

<<  <  ج: ص:  >  >>