الإنسان قد يدعي دعوى، قد يدعي أنه يحب الرسول -عليه الصلاة والسلام- أكثر من نفسه، لكن ما البرهان على ذلك؟ هل نقول: إن عمر استجاب بلسانه، يعني هذه الأمور أمور قلبية، المحبة مقرها القلب، مجرد الدعوى باللسان ما يفيد، يعني كل إنسان يفدي الرسول -عليه الصلاة والسلام- بنفسه، وكل إنسان يدعي أنه يحب الرسول -عليه الصلاة والسلام- أفضل من نفسه، لكن المحك إذا جاء أمر الرسول -عليه الصلاة والسلام- وعارض الرغبة والشهوة ما الذي يقدم؟ لا بد أن يقدم أمره -عليه الصلاة والسلام-، وإلا أنت ما أحببته أكثر من نفسك، وإذا كانت النصوص النبوية تأمر بما يخالف رغبة الوالد والولد، فإن قدمت رغبتهم فأنت ما حققت هذه المحبة، وإن قدمت النص على رغبتهم فقد حققتها؛ لأن المراد بالمحبة المحبة الشرعية وليس المراد الجبلية؛ لأن الإنسان قد تتعارض عنده المحاب الجبلية مع الشرعية؛ لأن محبة الوالد كما يقرر أهل العلم شرعية، ومحبة الولد جبلية، محبة الوالد شرعية ومحبة الولد جبلية، فإذا حصل ضيق بحيث لا يتسع الأمر إما للوالد وإما للولد، يعني كما لو حصل حريق، وعندك والد مقعد وطفل رضيع ما يمشي، ولا تستطيع حمل الاثنين معاً، تحمل الأب أو الابن؟ نعم هذه محبة شرعية هذا قدمت مراد الله على مرادك، الفقهاء ينصون في باب النفقات أن الولد في النفقة أهم من الأب، وحديث الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار منهم واحد ويش وضعه مع والديه؟ نعم يأتي باللبن فيجد الأب قد نام، فينتظره إلى الصباح، والأولاد يتضاغون من الجوع، ما يعطيهم حتى يشرب الأب، وسيقت القصة مساق المدح، فدل على أن هذا شرعي في تقديم الوالد على الولد، لكن قد يقال: إنه شرع من قبلنا، وما المانع من أن يقسم اللبن قسمين، فيعطى الأولاد باعتبار حاجتهم، والوالد ينتظر بنصيبه، لكن النظر دقيق في مثل هذه المسائل، لما قدم المحبة الشرعية على الجبلية استحق مثل هذه الكرامة، يستحق مثل هذه الكرامة، فالإنسان إذا قدم مراد الله على مراده يستحق مثل هذه وهذا برهان ساطع، ودليل صادق على صدقه في دعواه، أما بعض الناس يحب الرسول -عليه الصلاة والسلام-، لكن في أحواله كلها أو في جلها مخالفة لأوامره -عليه الصلاة