"حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا زكريا بن عدي عن ابن المبارك عن محمد بن سوقة عن أبي جعفر" محمد بن علي بن الحسين المعروف بالباقر، وابنه جعفر المعروف بالصادق "عن أبي جعفر قال: "كان ابن عمر إذا سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثاً لم يعده ولم يقصر دونه" وهذا من رواية أهل البيت عن الصحابة في مدح الصحابة، مما يدل على أن أهل البيت لا خلاف بينهم وبين الصحابة، أعني أهل البيت المتقدمون والباقر والصادق مخرج لهم في الصحاح، فهم عمدة عند أهل السنة، وأهل السنة أهل عدل وإنصاف؛ لما قدح الرافضة في الصحابة ما عمد أهل السنة إلى متبوعيهم ومقدميهم فطعنوا فيهم، أبداً، بل رووا عنهم؛ لأنهم أهل إنصاف، ومتقدموهم أهل إنصاف أيضاً، فهذا أبو جعفر الصادق محمد بن علي الباقر يمدح ابن عمر -رضي الله تعالى عنه- "قال: "كان ابن عمر إذا سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يعده" يعني لم يتجاوزه لم يزد عليه "ولم يقصر دونه" وحينئذٍ يكون منهجه الوسط الذي هو سمة هذا الدين، لا إفراط ولا تفريط، لا زيادة ولا نقص؛ لأن دين الله بين الغالي والجافي، فلا غلو ولا جفاء من ابن عمر، وهو الصحابي المؤتسي المقتدي، وإذا كان هذا ابن عمر الذي يظن به من يقرأ في سيرته ويتتبع أحواله قد يرميه بشيء من التشديد والزيادة وأثر عنه شيء من ذلك، لكنه اجتهاد، ولم يصب فيه -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-، بل كان يدخل الماء في عينيه حتى عمي، وكان يكفكف دابته لتقع مواطئ أقدامها على مواطئ أقدام دابة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويتتبع الآثار النبوية، ويجلس فيها، والصحابة بما فيهم كبارهم ممن هو أفضل من عبد الله بن عمر لا يفعل مثل هذا، فدل على أن عمله مرجوح؛ لأن الذي يقرأ في سيرة ابن عمر قد يرميه بشيء من الشدة لما أثر عنه من شيء من ذلك، لكنه هو الصحابي المقتدي المؤتسي حصل منه هفوات، حصل منه زلات، حصل تشديدات، لكن ليس هذا منهج وليس هذا ديدنه -رضي الله عنه- بشهادة الباقر "كان ابن عمر إذا سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثاً لم يعده" ما تعدى الحديث، ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) ما الذي حصل؟ قال ابن عمر: "إذا أصبحت