((خيبتنا وأخرجتنا من الجنة بذنبك، فقال له آدم: يا موسى اصطفاك الله بكلامه، وخط لك التوراة بيده، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟! فحج آدم موسى)) يعني غلبه بالحجة ((فحج آدم موسى، فحج آدم موسى ثلاثاً)) وهذا قد يتمسك به من يحتج بالقدر على المعاصي، فيقال له: لماذا سرقت؟ قال: هذا شيء كتبه الله علي، مثل حجة المشركين {لَوْ شَاء اللهُ مَا أَشْرَكْنَا} [(١٤٨) سورة الأنعام] هذه المعصية لما تاب منها آدم -عليه السلام-، وبقي أثرها وهو الخروج من الجنة تاب منها وقبلت توبته، وبدلت السيئات حسنات، تبقى معصية وإلا مصيبة؟ مصيبة، والمصيبة للإنسان أن يحتج عليها بالقدر، له أن يحتج عليها بالقدر، لو أن الإنسان مرض وقيل له: لو أنك ما طلعت في البرد أو لو أنك أكثرت من اللبس، أو ما تعرضت لكذا، يقول: هذا شيء مكتوب، هذه مصيبة مكتوبة علي ومقدرة، له ذلك، لكن المعائب لا يحتج عليها بالقدر، يعني كونه ترك سبب من الأسباب أو بذل سبب يمرض بسببه، لو اغتسل بثيابه وخرج في شدة البرد، هل له أن يقول: هذا شيء كتبه الله علي؟ لا، المرض مكتوب عليك، لكن السبب أنت الذي بذلته، بذلت هذا السبب الذي يكون به أو بسببه المرض، فلك أن تحتج إذا بذلت الأسباب، تقول: والله هذا أمر مكتوب، لكن إذا لم تبذل الأسباب فأنت معيب بهذا، فالقدر إنما يُحتج به على المصائب لا على المعايب، فلما تاب آدم -عليه السلام-، وقبلت توبته صار الأمر في حقه مصيبة له أن يحتج بها بالقدر عليها.
قال:"حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة قال: حدثنا شريك عن منصور عن ربعي عن علي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع: بالله وحده لا شريك له، وأني رسول الله، وبالبعث بعد الموت، وبالقدر)) " وهذه من أركان الإيمان ((أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالبعث بعد الموت، وبالقدر خيره وشره)) هذه من أركان الإيمان، فإذا لم يؤمن بواحدة منها فإنه لا يمكن أن يوصف بالإيمان، والحديث فيه شريك بن عبد الله بن أبي نمر القاضي، وفي حفظه شيء، لكنه لا ينزل عن درجة الحسن.