المقصود أن هذه الأمور كلها منفية، فلا عدوى، والخلاف بين أهل العلم معروف هل هناك عدوى أو لا عدوى؟ فمن أثبتها احتجاجاً بمثل حديث:((وفر من المجذوم فرارك من الأسد)) ((لا يورد ممرض على مصح)) هذه الأحاديث أو هذان الحديثان يفهم منهما أن هناك عدوى، وإلا ما الداعي إلى الفرار من المجذوم، وما سبب النهي عن إيراد الممرض صاحب الإبل المريضة على الإبل الصحيحة؟ والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول:((لا عدوى)) يعني مقتضى: ((لا عدوى)) كل مع المجذوم ولا تتضرر؛ لأنه لا عدوى، ومقتضى:((لا عدوى)) يورد ممرض على مصح؛ لأن الإبل الصحيحة لن تتضرر؛ لأنه لا عدوى، وأهل العلم لهم مسالك للتوفيق بين هذه النصوص، فمنهم من يقول:((لا عدوى)) على ظاهره، فلا عدوى مطلقاً، والأمر بالفرار من المجذوم، أو النهي عن إيراد الممرض على المصح لئلا يتفق أن تمرض هذه الإبل الصحيحة أو يصاب السليم بالجذام بتقدير الله -جل وعلا-، ولا علاقة للمجذوم في مرض الصحيح، ولا علاقة للإبل المريضة ولا تأثير عليها على الإبل الصحيحة فلا عدوى، لكن يكون النهي والأمر بالفرار والنهي عن إيراد الإبل المريضة يكون من باب سد الذريعة؛ لئلا تصاب الإبل بالمرض، أو يصاب الصحيح بالجذام فيعتقد أن المرض سرى إليه من المريض، فيقع في الحرج، الحرج ما هو؟ أن يقع في نفسه شيء من تكذيب الخبر الذي فيه:((لا عدوى)) فيكون أمره بالفرار من باب الاحتياط للدين، لا الاحتياط للبدن، إنما يكون احتياط للدين لا الاحتياط للبدن، فنهيه يعني أمره بأن يفر من المجذوم لئلا يصاب بالجذام ابتداءً من الله -جل وعلا-، وعلى هذا القول فمخالطة المريض والسليم على حد سواء، لا فرق بينهما، والعدوى منفية نفياً تاماً، ولا فرق بين مخالطة المريض بالجذام، أو غيره من الأمراض، ومخالطة الصحيح، لكن الأمر بالفرار من أجل حماية الدين لا حماية البدن؛ لأنه قد يصاب هذا الصحيح بالمرض فيعتقد عدم صحة ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقع في نفسه شيء من تكذيب الخبر، فيتضرر في دينه، ومنهم من يقول: إن العدوى ثابتة، والمرض بتقدير الله -جل وعلا- يسري من المريض إلى السليم، وهذا هو ما يثبته الأطباء، ويقولون: العدوى