سنن ابن ماجه التي الحديث بصددها، بل في مقدمتها، والنية -إن شاء الله تعالى- إكمال الكتاب، سنن ابن ماجه هو سادس الكتب، الكتب الستة سادسها ابن ماجه، الأول: البخاري، والثاني: مسلم، والثالث: أبو داود، والرابع: الترمذي، والخامس: النسائي، والسادس: على هذا القول ابن ماجه، وأول من أدخله في الستة أبو الفضل بن طاهر في شروط الأئمة، وفي الأطراف، والخلاف معروف في السادس.
ولا شك أن إدخال سنن ابن ماجه وجعله سادساً له وجه وجيه لكثرة زوائده على الكتب الخمسة، وكثرة فوائده فهو نافع جداً للمتفقه، وتراجمه كثيرة جداً، وهي أحكام فقهية، وأبدع في كثير منها، بل في أكثرها إبداع، نعم لا يصل إلى ما وصل إليه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-، لكنه مبدع في هذا الباب، يعني من المبدعين في هذه التراجم، وفي الاستنباط من الأحاديث.
أدرجه أبو الفضل بن طاهر في الستة، فجعله السادس، يعني أضافه إلى الخمسة، وأما الخمسة فلا خلاف فيها أنها دواوين الإسلام المتفق عليها، لا المتفق على ما فيها كما قال بعضهم، ولا أن جميع ما فيها صحيح، نعم ما في الصحيحين لا إشكال فيه، ولا تردد في الحكم عليه بالصحة، لكن السنن فيها غير الصحيح، فيها الحسن، وفيها الضعيف، وأشدها ضعفاً لا سيما مما تفرد به سنن ابن ماجه، ولذا تردد بعض العلماء في إدخاله في الستة، فجعل بدله الموطأ لإمامة مؤلفه، ورجحان صحته على الضعف، وعلو أسانيده، وممن جعله السادس -أعني الموطأ- رزين العبدري في تجريد الأصول، وابن الأثير في جامع الأصول، ومنهم من جعل السادس الدارمي؛ لعلو أسانيده، فهو شيخ لأصحاب الكتب، أسانيده عالية، بل هي أنظف من أسانيد ابن ماجه، وفيه زوائد، لكن فيه آثار كثيرة، آثاره أكثر مما في سنن ابن ماجه، وعلى كل حال من أراد التفقه فسنن ابن ماجه أنفع له؛ لأن أحاديثه أكثر، وزوائده على الكتب الستة أكثر.