((فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه)) {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ} [(١٤٥) سورة الأنعام] أين يجد تحريم الحمر الأهلية؟ أين يجد تحريم كل ذي ناب من السباع؟ كل ذي مخلب من الطير؟ لا يجد هذا إلا في السنة، فإذا لم يعمل بالسنة فاته العلم والعمل، وفاته الدين بحذافيره، نعم قد يجد في القرآن شيئاً يسيراً، والقرآن بعمومه وشموله يشمل كل شيء، لكن ما الذي يبين لنا هذا العموم وهذا الشمول، وما يتناوله هذا العموم؟ الذي يبينه لنا هو السنة، فالسنة تبين القرآن.
((وما وجدنا فيه من حرام حرمناه)) فما حرمه النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يحرمونه؛ لأنه لا يوجد في القرآن، وإن وجد ما يتناوله ويتناول غيره، لكن البيان من قبله -عليه الصلاة والسلام- ((ألا)) حرف تنبيه ((وإن ما حرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثل ما حرم الله)) لأنه كله من عند الله، سواءً كان في الكتاب أو في السنة، مثل هذا يجعل السنة في مصف القرآن، في مرتبة واحدة، وأهل العلم يجعلون المصادر مرتبة: القرآن، ثم السنة، والسنة عندهم أضعف من القران في باب النسخ، فلا ينسخون القرآن بالسنة، والسنة كما يقول أهل العلم المصدر الثاني من مصادر التشريع، كل هذا الكلام يدل على أن السنة مرتبتها أقل وأنزل من القرآن، فإن كان هذا باعتبار الثبوت، وأن القرآن ثبت ثبوتاً قطعياً لا تردد فيه، والسنة وإن ثبتت بالأسانيد الصحيحة إلا أنها ليس ثبوتها مثل ثبوت القرآن، ففيها المتواتر القطعي، وفيها ما ثبت بطريق ظني موجب ملزم للعمل، لكنها دون القرآن في الثبوت في ثبوتها، هذا الكلام صحيح؛ لأن في الأحاديث ما تكلم فيه أهل العلم ولو قبلوه، لكن فيه كلام، وفيها أحاديث متواترة وقطعية، لكنها ليست مثل القرآن، فهي دون القرآن بالثبوت، وإن كانت مساوية له في الوجوب ولزوم العمل بها كوجوب العمل به بالقرآن.
((ألا وإن ما حرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثل ما حرم الله)) لأن الكل من عند الله.