"فأقلوا الرواية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ما دام يمدون أعناقهم إليكم، ويتشوفون لرؤيتكم ومجالستكم، ويقولون: هؤلاء أصحاب محمد -عليه الصلاة والسلام- فإنهم متهيئون للحفظ عنكم في جميع ما تتكلمون به، في الحديث وغير الحديث، يقول: فأكثروا من غير الحديث لأن الخلل فيه أمره يسير، لكن الإشكال في الرواية عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أقلوا منها "فأقلوا الرواية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم أنا شريككم" أنا شريككم في أي شيء؟ في الإقلال، يعني إن كان هذا الإقلال يترتب عليه إثم كتمان فأنا شريككم في هذا الإثم، إن ترتب عليه إثم كتمان، وهو يجزم بأنه ليس هناك كتمان، بل إن الأحاديث تصل إلى هؤلاء ووصلتهم، لكن هذا فيه الاحتياط للسنة، وهل هذا قريب من قول الله -جل وعلا-: {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم} [(٢٥) سورة النحل] هذا ليس بضلال، بل هو نفع وأجر محض له شركته منه؛ لأنه يتحرى ويتوقى في الحديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، والحديث كما قلنا ضعيف بسبب ضعف مجالد.
قال: -رحمه الله-: "حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن السائب بن يزيد قال: صحبت سعد بن مالك" من سعد بن مالك؟ سعد بن مالك بن سنان أبو سعيد الخدري "صحبت سعد بن مالك من المدينة إلى مكة فما سمعته يحدث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بحديث واحد" كل هذا سببه التحري والتوقي وخشية أن يقع أو يصدر من لسانه أو في كلامه ما لم يقله النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعلى هذا ينبغي على طالب العلم ألا يتساهل في هذا الأمر، وأن يكون شديد التحري، شديد التوقي لما ينسبه إلى الله ورسوله، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.