للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"من للهداية يسأل" لأنه مأمور بالسؤال، فإذا امتثل هذا الأمر وسأل أهل العلم عن ما يشكل عليه فإنه حينئذٍ يوفق للاستقامة، إذا سأل سؤال مسترشد طالب للحق لا متعنت، لا متعالم مظهر لعلمه؛ لأن بعض الناس يسأل وعنده جواب، إما أن يريد إعنات المسئول، أو يريد إظهار ما عنده من علم، مثل هذا لا يرزق الهدى في الغالب، ولا يرزق التوفيق ولا يوفق للعلم، أما من سأل سؤال طالب للهدى، وطالب لمعرفة الحق، فإن هذا يوفق؛ لأنه يمتثل ما أمر به، ولذا جاء النهي عن الأغلوطات، يعني الأسئلة المحرجة التي تبين إما فضل السائل أو عجز المسئول، فمثل هذا منهي عنه، أما من يسأل للاستفادة هذا مطلوب.

وفي عهده -عليه الصلاة والسلام- جاء النهي عن السؤال: ((ذروني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم)) فكثرة الأسئلة لا شك أنها توقع في عنت، لا سيما في وقت التنزيل؛ لأنه قد يسأل عن شيء مباح ثم يحرم بسببه، أو يسأل عن شيء لا حكم له في الشرع إنما تستصحب فيه البراءة الأصلية ثم ينزل إيجابه، فلما سأل السائل عن الحج أكل عام يا رسول الله؟ سكت النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم قال: ((ذروني ما تركتكم)) لأنه لو قال: نعم لوجبت، ولو وجبت ما استطاعوا فهلكوا، فالذي يسأل إن كان يريد الحق ليعمل به، هذا لا شك أنه يوفق ويثاب على ذلك، وإن كان يريد إعنات المسئول، أو إظهار ما عنده من علم مثل هذا يحرم بركة العلم والعمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>