هذا يسأل يقول: ما معنى قول الشيخ ابن القاسم في حاشية الدرة المضية على العقيدة السفارينية فيما نقله عن الإمام أحمد: "من قال: إن الإيمان مخلوق فقد كفر" لعله يقصد القرآن "ومن قال: إنه غير مخلوق فهو مبتدع" وماذا نقول؟ هل السكوت هو السلامة؟
السلامة في اتباع من سلف، فما قالوا به قلنا به، وما سكتوا عنه سكتنا عنه، والخلاف المذكور عن الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- هو ومحمد بن يحيى الذهلي في مسألة اللفظ بالقرآن، والإمام البخاري شنعوا عليه، وأوذي بسبب اللفظ، وأنه يقول: لفظي بالقرآن مخلوق، ولا شك أن هذا الكلام ما أثر عمن سلف، واللفظ يحتمل أن يكون اللفظ الذي هو إخراج الحروف من فم اللافظ، بمعنى التكلم الذي هو المصدر، ويحتمل أن يكون المراد به الملفوظ اسم المفعول، وهو القرآن، فمن قال: لفظي بالقرآن مخلوق يريد به تلفظه به، وقراءته للقرآن، وهي عمل له، والله -جل وعلا- خلقه وخلق عمله، من هذا الوجه يمكن حمله على وجه صحيح.
وأما إذا أراد باللفظ الملفوظ الذي هو القرآن فهو قول الجهمية، ومثل هذه الألفاظ المجملة التي تحتمل أهل العلم يشددون في إنكارها، ولذا جاء عنهم من قال: لفظي بالقرآن مخلوق فقد كفر، يعني كأنه قد قال: القرآن مخلوق؛ لأن هذا اللفظ المجمل يحتمل أن يراد به الملفوظ، وهو القرآن.
فالإمام البخاري يقول: أفعال العباد مخلوقة، وألف في ذلك كتاب الأسماء، وخلق أفعال العباد، وعلى كل حال الامتحان الذي حصل للإمام البخاري لا يسلم من شوب حسد؛ لأنه انصرفت أنظار أهل الحديث إليه، وتُرك المحدثون في البلد الذي دخل عليه لما دخل نيسابور، المقصود أن هذا الكلام المجمل لا يجوز إطلاقه، بل لا بد من التفصيل فيه، واجتنابه هو الأصل، والاقتصار على الوارد هو المتعين.
هذا يقول: أراك يا شيخ متحاملاً على ابن حزم -رحمه الله تعالى- فلماذا؟