الفقه: يراد به الفهم عن الله وعن رسوله، ما جاء في كتابه وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، هذا الفقه، ولا يكون ذلك إلا بعد حفظ هذه النصوص.
والمراد بالدين: الدين بجميع أبوابه، كما جاء في حديث جبريل حينما سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الإسلام والإيمان والإحسان، وأجابه بالأجوبة المعروفة في الحديث المستفيض ذكره في دواوين الإسلام، قال النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد ذلك:((هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)) فدل على أن الدين شامل لجميع أبوابه، فيشمل العقائد، ويشمل الأحكام من العبادات والمعاملات والمناكحات والأحوال الشخصية والحدود والجنايات، ويشمل أيضاً المغازي والسير والأدب، ويشمل أيضاً الزهد والرقائق، ويشمل بقية أبواب الدين فجميع أبواب الدين داخلة في هذا الحديث.
وكون الفقهاء الذين اهتمامهم بالأحكام العملية يصدرون كتبهم بما يسمى ببراعة الاستهلال، الحمد لله الذي فقَّه ما شاء في الدين واختصه ... الخ.
الحمد لله الذي فقه من شاء بالدين، واختصه بالخير الوارد على لسان خير المرسلين، الخ، يقولون هذا الكلام، فمفهوم كلامهم أن الحديث الوارد فيه الترغيب في الفقه في الدين محصور على الأحكام، والأحكام باب من أبواب الدين، وإذا أردنا الحصر فالعقائد أهم وأولى أن تدخل من الأحكام؛ لأنها عند أهل العلم عُرفت بالفقه الأكبر، ويقابلها الفروع، فالأكبر هو الأصول، ولم يكن هذا التقسيم -يعني تقسيم الدين إلى أصول وفروع- معروف في عصر الصحابة والتابعين، وإنما عُرف بعدهم في تقسيم العلوم إلى تخصصات وفروع، عندهم أصول وفروع، وعندهم أيضاً وسائل، وعندهم غايات، فالمراد بالغايات معروف نصوص الوحيين، والوسائل ما يعين على فهم هذه النصوص.