ونجد أهل الخير والفضل يتنافسون في هذا الباب، وهم مأجورون -إن شاء الله تعالى-، وإن كان القائم على العمارة من العوام الذين لم تبلغهم مثل هذه النصوص فهو معذور، لكن الإشكال حينما يشرف على هذه العمارة بعض طلاب العلم، وتخرج على صورة تشغل المصلي عن صلاته، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما أعطاه أبو جهيم الأنبجانية أو الخميصة وشغلته عن صلاته كادت أن تفتنه عن صلاته، كساء مخطط، ثوب مخطط، فلما سلم قال -عليه الصلاة والسلام-: إنها كادت تفتنه عن صلاته -تشغله عنها-، فاذهبوا بها، وأتوني بأنبجانية أبي جهيم، يعني أعطوني الأقل منها؛ لئلا أنشغل عن صلاتي بسببها، فإذا كان مثل هذا مجرد خطوط في الكساء يشغل أفضل الخلق عن صلاته، المقبل على الله، اتقى الناس وأخشاهم وأعلمهم بالله ينشغل بمثل هذا، ويكاد أن تفتنه، فكيف بما نعيشه مع الغفلة التامة عن حقيقة هذه الصلاة؟! اللهم إلا إذا كنا لا نفرق، يعني وصل بنا الأمر أننا لا نفرق سواء صلينا في مسجد مزخرف أو في خيمة، أو في فضاء لا نفرق بين هذا وهذا، يعني وصلت بنا الغفلة إلى هذا الحد، وهذا الذي أتوقعه، أن الإنسان منشغل عن صلاته سواء صلى في ظلام دامس أو صلى في متحف، لا فرق، وبعض المساجد -مع الأسف- أن من له أدنى نظر بالخط والرسم لا يدرك من صلاته شيء، ولا شك أن هذه فتنة؛ لأن لب الصلاة الخشوع، فإذا فقد الخشوع ماذا يبقى منه؟ يبقى الصورة التي لا تنهى عن الفحشاء والمنكر؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال:((صلوا كما رأيتموني أصلي)) فالصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر هي الصلاة التي كان على ما كان عليه الرسول -عليه الصلاة والسلام-، من إقبال على الله -جل وعلا- بكليته، وإخبات، وعدم انشغال بأي شيء عن الصلاة، ومع الأسف أننا ندخل المسجد ونخرج كأننا ما صنعنا شيء؛ فعلى الإنسان أن يهتم بنفسه، وبعض الناس إذا أراد أن يجاور في العشر الأواخر من رمضان قرب بيت الله الحرام في أقدس البقاع تجده يبحث عن مسكن، يقول: أنا أريد فندق خمسة نجوم، يعني مزخرف، اللهم إلا إذا كان لا ينوي أن يتعبد في هذا الفندق بمجرد أن ينام ويخرج إلى المسجد مع أن صلاته فيه أفضل من الصلاة في المسجد غير