وذكر الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في اختصار علوم الحديث أن بعض المتكلمين قال: إنه لا يوجد موضوع في السنة، واستدل بالآية، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، ما دام الأمر كذلك فالحكم واحد في القرآن والسنة، قال: لا يوجد حديث موضوع، فانبرى له شخص، ويقال: إنه صبي -والله أعلم بحقيقة هذه القصة-، فقال له: ما رأيك في حديث: ((سيكذب علي))؟ إيش رأيك في حديث:((سيكذب علي))؟ ماذا يكون الجواب؟ هو يبي يقول: صحيح وإلا مكذوب؟ الرد حاصل حاصل، سواء صحح أو أبطل، سواء حكم عليه بالصحة أو حكم عليه بالوضع، الرد حاصل حاصل، فإن قال: صحيح، طيب كيف يرد؟ الرسول يقول: سيكذب علي؟ وأنت تقول: لا، ما يمكن يكذب عليه، وإن قال: باطل، يقول: هاه الآن كذب عليه.
ولا شك أن هذا من الأجوبة المسكتة، وبعضهم يشكك في حصول مثل هذا، ومثل هذا يعني يمكن أن يذكر في هذا المجال، ولو لم يثبت، ويش المانع؟ يعني أن تفترض أن شخص قال هذا الكلام، فأجيب عليه بمثل هذا الجواب، ويمكن أن يقع، وإلا من أهل العلم ما شكك في مثل هذا.
وأنا أقول: إن الذي لا يعنى بنوع من أنواع العلوم، لا تكون له به أدنى عناية يحصل منه مثل هذا، فهذا المتكلم الذي نسبت إليه هذه القصة لا عناية له بالسنة، ولا يدري ما السنة، كما إنه وجد من لا يعرف معنى الموضوع ممن ينتسب للعلم في بعض فروعه، أنكر على الحافظ العراقي رحمه الله أن يكون حديث موضوع؛ لأنه سئل عن حديث فقال: لا أصل له، هذا حديث مكذوب على النبي -عليه الصلاة والسلام-، فانبرى له شخص من العجم وقال: كيف تقول مكذوب وهو موجود في كتب السنة بالإسناد؟ فقال: احضره فأحضره من موضوعات ابن الجوزي، يعني يحصل مثل هذا الغفلة يحصل من هذا الجهل المركب، يحصل، ولذا ينبغي أن يكون طالب العلم يعني عنده نوع من الشمول والتفنن والأخذ من كل علم يخدم نصوص الوحيين بكفايته.
يعني قبيح بطالب القرآن أن لا يعرف السنة ولا علوم السنة، كما أن قبيح بطالب السنة أن لا يعرف ما يتعلق بكتاب الله -جل وعلا-، ويحتاج مع ذلك إلى ما يخدم نصوص الوحيين ويعينه على فهمهما.