يقول: المخلوقات لها وجوه: الجمل له وجه، والقرد له وجه، والإنسان له وجه، والنملة له وجه، والجرادة لها وجه، إذا نظرنا في هذه المخلوقات بينها تشابه وإلا ما بينها تشابه؟ بون كبير بين هذه المخلوقات، لا نسبة بينها إلا أنها تشترك في أمور، فإذا نفي التشابه بين هذه المخلوقات فلئن ينفى التشابه بين الخالق والمخلوق من باب أولى؛ لأن متى نعرف كيفية الشيء؟ نعرفه إذا رأيناه، أو رأينا نظيره، أو جاءنا عنه ما يدل عليه، ولم يحصل شيء من ذلك، يعني هذه الكيفية التي تخيلها المبتدعة، ومروا بها حتى وصلوا إلى النفي والتعطيل، هذه لا يمكن الوصول إليها، وهو علم الكيفية، لماذا؟ لأن معرفة الكيفية لا تمكن إلا من خلال ثلاثة أشياء: إما رؤية الشيء، ونحن لم نر الله -جل وعلا-، ولن يره أحد حتى يموت، على ما سيأتي في الرؤية، أو نرى نظيره حيث يقول: إن هذا مثل كذا، أو يأتينا عنه بالتفصيل الكيفية ولم يأتِ.
قد يقول قائل: إن حديث الصورة ((فإن الله خلق آدم على صورته)) ما دام على صورة آدم فنحن عندنا ما يمكن أن نحيل إليه، ونعرفه بالنظر إليه، وصورة آدم مثل صورة أولاده؛ لأن الله خلق آدم على صورته، نعم الطول ستون ذراعاً، وأولاده ما زالوا ينقصون إلى أن وصلوا إلى ثلاثة أذرع أربع أذرع بالكثير، فما دام الله خلق آدم على صورته، والعلماء يختلفون في عود الضمير، هل على صورته يعني على صورة هذا المضروب؟ لأنه نهى عن ضرب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته، يعني على صورة هذا المضروب، أو على صورة الرحمن، كما جاء في بعض الروايات، وهذه يختلف أهل العلم في ثبوتها، وعلى كل حال لو ثبتت ما دلت على التشبيه؛ لأن إثبات الصورة لا يعني إثبات التشبيه من كل وجه، لا يعني إثبات المشابهة من كل وجه؛ فأول زمرة تدخل الجنة على صورة البدر، يعني هل نقول: إن أول زمرة تدخل الجنة تدخل بدون عينين ولا أنف ولا فم ولا ... ، يمكن أن نقول هذا؟ فإثبات الصورة أمر إجمالي لا تفصيلي، وليس في هذا مستمسك لمبتدع، ورواية على صورة الرحمن مسألة مختلف فيها، أو الزيادة هذه مختلف فيها، ومن أهل العلم من يثبتها، وعلى سبيل التنزل لو ثبتت كما قال بعض أهل العلم ليس فيها مستمسك لمبتدع.