للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تالله كم في سير الصابرين من الشُّجون والآلام .. ولكن عندما تلامسها أصابع الجزاء .. تصبح أحلى من العسل. وأصفى من الدموع! !

ويطل علينا أخي موقف آخر من مواقف الصابرين .. فهذا بلال بن رباح - رضي الله عنه - يعذبه أهل الكفر بأنواع العذاب وهو - رضي الله عنه - لا يزيد على قوله: أحد .. أحد .. ويسلمونه إلى ولدانهم فيطوفون به شعاب مكة، ويوالون عليه العذاب، وهو لا يزيد على: أحد .. أحد! !

ثم أخي فلتشهد معي هذا الموقف .. حيث جلس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وفي المجلس بلال وخباب بن الأرت رضي الله عنهما، فيسأل عمر بلالاً عما لقى من المشركين، قال خباب: «يا أمير المؤمنين انظر إلى ظهري».

فقال عمر: «ما رأيت كاليوم! ».

قال خباب: «أوقدوا لي نارًا فما أطفأها إلا وَدك ظهري».

وما أصدق علي - رضي الله عنه - يوم أن وقف على قبر خباب - رضي الله عنه - فقال: «رحم الله خبابًا لقد أسلم راغبًا، وهاجر طائعًا، وعاش مجاهدًا، وابتُلى في جسمه أحوالاً، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملاً».

ويطالعنا أخي من صبر السابقين صبر عروة بن الزبير رضي الله عنهما فقد ابتلى رحمه الله في نفسه وولده فصبر ورضي، مات ابنه محمد، وأصابت رجله الأكلة، فقطعوها له، فما زاد أن قال رحمه الله: «إن سلبتَ فلطالما أعطيتَ، وإن أخذتَ فلطالما أبقيتَ، وأبقيتَ لنا فيك الأمل، يا بر يا وصول».

واعجب من الأحنف بن قيس: رحمه الله ذهبت عينه فقال: «ذهبت منذ أربعين سنة ما شكوتها إلى أحد! ».

<<  <   >  >>