[٧٣]، يعني أن من لم يكن خالقًا لا يصح أن يكون معبودًا، والمعبود لا بد أن يكون خالقًا.
ولما بيَّن تعالى في سورة النحل تلك البراهين العظيمة على جلالته وعظمته، وأنه المعبود وحده في قوله:{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} إلى قوله: {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (١٦)} أتبع ذلك بقوله: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (١٧)}.
ولمَّا بيَّن في سورة الفرقان علامات من يستحق العبادة بقوله: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (٢)} أتبع ذلك بصفات من لا يستحق أن يُعبد بقوله: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ}[الفرقان: ٣] الآية [٣].
والآيات بمثل هذا كثيرة جدًّا معروفة، وفيها الأدلة القاطعة الواضحة على أن حكمة خلق الخلائق إلهية ربانية، لا نبوية، كما رأيت، وكما سترى.
وأما ما أشرنا إليه من برهان "محمد رسول الله"، فهو برهان الإعجاز المذكور بعد برهان "لا إله إلَّا الله" في آية البقرة الماضية، فبرهان "لا إله إلَّا الله" في قوله: {الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} الآية [البقرة: ٢١]. وبرهان "محمد رسول الله"، في قوله تعالى بعده:{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} الآية [البقرة: ٢٣].
وليس مقصودنا تقرير برهان الإعجاز، بل الجواب على السؤال المذكور.
وقد بيَّن تعالى أن من حِكم خلقه للمخلوقات، هو أن يُعلِم خلقه بكمال قدرته وإحاطة علمه العظيم بكل شيء، كما قال تعالى في آخر سورة الطلاق: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَينَهُنَّ